1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النحل
  4. القول في تأويل قوله تعالى "ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون ( 73 ) فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ( 74 ) )

يقول تعالى ذكره : ويعبد هؤلاء المشركون بالله من دونه أوثانا لا تملك لهم رزقا من السماوات ، لأنها لا تقدر على إنزال قطر منها لإحياء موتان الأرضين ، ( والأرض ) : يقول : ولا تملك لهم أيضا رزقا من الأرض لأنها لا تقدر على إخراج شيء من نباتها وثمارها لهم ، ولا شيئا مما عدد تعالى في هذه الآية أنه أنعم بها عليهم ( ولا يستطيعون ) يقول : ولا تملك أوثانهم شيئا من السماوات والأرض ، بل هي وجميع ما في السماوات والأرض لله ملك ، ( ولا يستطيعون ) يقول : ولا تقدر على شيء .

وقوله : ( فلا تضربوا لله الأمثال ) يقول : فلا تمثلوا لله الأمثال ، ولا تشبهوا له الأشباه ، فإنه لا مثل له ولا شبه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

[ ص: 260 ] ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الأمثال الأشباه .

وحدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( فلا تضربوا لله الأمثال ) يعني اتخاذهم الأصنام ، يقول : لا تجعلوا معي إلها غيري ، فإنه لا إله غيري .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون ) قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقا ولا ضرا ولا نفعا ، ولا حياة ولا نشورا . وقوله : ( فلا تضربوا لله الأمثال ) فإنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ( إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ) يقول : والله أيها الناس يعلم خطأ ما تمثلون وتضربون من الأمثال وصوابه ، وغير ذلك من سائر الأشياء ، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه .

واختلف أهل العربية في الناصب قوله ( شيئا ) فقال بعض البصريين : هو منصوب على البدل من الرزق ، وهو في معنى : لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا . وقال بعض الكوفيين : نصب ( شيئا ) بوقوع الرزق عليه ، كما قال تعالى ذكره ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) أي تكفت الأحياء والأموات ، ومثله قوله تعالى ذكره ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ) قال : ولو كان الرزق مع الشيء لجاز خفضه ، لا يملك لكم رزق شيء من السماوات ، ومثله ( فجزاء مثل ما قتل من النعم )

التالي السابق


الخدمات العلمية