1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الإسراء
  4. القول في تأويل قوله تعالى " وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس "
صفحة جزء
[ ص: 479 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ( 60 ) )

وهذا حض من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، على تبليغ رسالته ، وإعلام منه أنه قد تقدم منه إليه القول بأنه سيمنعه ، من كل من بغاه سوءا وهلاكا ، يقول جل ثناؤه : واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة ، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ، ونحن مانعوك منهم ، فلا تتهيب منهم أحدا ، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول : أحاط بالناس عصمك من الناس .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) قال : يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أحاط بالناس ) قال : فهم في قبضته .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير قوله ( أحاط بالناس ) قال : منعك من الناس . قال معمر ، قال قتادة ، مثله . [ ص: 480 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) قال : منعك من الناس .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) أي منعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك .

وقوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم :

هو رؤيا عين ، وهي ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من مكة إلى بيت المقدس .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، وليست برؤيا منام .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، سئل عن قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، بنحوه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن فرات القزاز ، عن سعيد بن جبير ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، فرأى ما رأى فكذبه المشركون حين أخبرهم .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : أسري به عشاء إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، وأراه الله ما أراه من الآيات ، ثم أصبح بمكة ، فأخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس ، فقالوا له : يا محمد ما شأنك ، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ، فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم عن الإسلام . [ ص: 481 ]

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : قال كفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة .

حدثني أبو حصين ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : مسيره إلى بيت المقدس .

حدثني أبو السائب ويعقوب ، قالا ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : حين أسري به .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : ليلة أسري به .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أسري به ، فكانت تلك فتنة الكافر .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) يقول : الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس . ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره ، أنكروا ذلك وكذبوا له ، وعجبوا منه ، وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هو ما أري في بيت المقدس ليلة أسري به .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ) قال : أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أسري به ، نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع [ ص: 482 ] سنين من العشر التي مكثها بمكة ، ثم رجع من ليلته ، فقالت قريش : تعشى فينا وأصبح فينا ، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع ، وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين : شهرا مقبلة ، وشهرا مدبرة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هذا حين أسري به إلى بيت المقدس ، افتتن فيها ناس ، فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة : وقال : " لما أتاني جبرائيل عليه السلام بالبراق ليحملني عليها صرت بأذنيها ، وانقبض بعضها إلى بعض ، فنظر إليها جبرائيل ، فقال : والذي بعثني بالحق من عنده ما ركبك أحد من ولد آدم خير منه ، قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال ما تحتها ، وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها " فلما أتاهم بذلك ، قالوا : ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها ، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : هذا صاحبك يقول كذا وكذا ، فقال : وقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فقالوا : تصدقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ؟ فقال أبو بكر : إي ، نزع الله عقولكم ، أصدقه بخبر السماء ، والسماء أبعد من بيت المقدس ، ولا أصدقه بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا ، فلما قالوا ذلك ، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه ، فجعل يقول : هو كذا ، وفيه كذا ، فقال بعضهم : وأبيكم إن أخطأ منه حرفا ، فقالوا : هذا رجل ساحر .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) يعني ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته ، فكانت فتنة لهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال . ثنا عيسى; وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن [ ص: 483 ] مجاهد في قوله ( الرؤيا التي أريناك ) قال : حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .

وقال آخرون : هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وهو يومئذ بالمدينة ، فعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل ، فرده المشركون ، فقالت أناس : قد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها ، فكانت رجعته فتنتهم .

وقال آخرون ممن قال : هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره .

ذكر من قال ذلك : حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة ، قال : ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد ، قال : ثني أبي ، عن جدي ، قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : وأنزل الله عز وجل في ذلك ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) . . . . الآية .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس ، وبيت المقدس ليلة أسري به ، وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن [ ص: 484 ] هذه الآية إنما نزلت في ذلك ، وإياه عنى الله عز وجل بها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس ، إلا فتنة للناس : يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام ، لما أخبروا بالرؤيا التي رآها ، عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم ، وكفرا إلى كفرهم .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إلا فتنة للناس ) .

وأما قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : هي شجرة الزقوم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا أبو عبيدة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم ، قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ، ثم دعا بتمر وزبد ، فجعل يقول : زقمني ، فأنزل الله تعالى ( طلعها كأنه رءوس الشياطين ) وأنزل ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) .

حدثني أبو السائب ويعقوب ، قالا ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، مثله .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد ، [ ص: 485 ] ويقولون : تزقموا هذا الزقوم . قال أبو رجاء : فحدثني عبد القدوس ، عن الحسن ، قال : فوصفها الله لهم في الصافات .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، قال : قال أبو جهل وكفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة ، ويزعم أنه ينبت فيها شجرة ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم .

حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن رجل يقال له بدر ، عن عكرمة ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن عبد الملك العزرمي ، عن سعيد بن جبير ( والشجرة الملعونة ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، بمثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثني الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : الزقوم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن أبي المحجل ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أنه كان يحلف ما يستثني ، أن الشجرة الملعونة : شجرة الزقوم . [ ص: 486 ]

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سألت سعيد بن جبير ، عن الشجرة الملعونة في القرآن ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : هي الزقوم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) وهي شجرة الزقوم ، خوف الله بها عباده ، فافتتنوا بذلك ، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر ، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ، فتزقموا ، فأنزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين ) ، إني خلقتها من النار ، وعذبت بها من شئت من عبادي .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : الزقوم; وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا ، وذلك فتنة .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها ، وقال : هي الصرفان بالزبد تتزقمه ، والصرفان : صنف من التمر ، قال : وقال أبو جهل : هي الصرفان بالزبد ، وافتتنوا بها .

وقال آخرون : هي الكشوث . [ ص: 487 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن مولى بني هاشم حدثه ، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، أرسله إلى ابن عباس ، يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن ؟ قال : هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة ، وتجعل في الماء ، يعني الكشوثي .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عنى بها شجرة الزقوم ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، ونصبت " الشجرة الملعونة " عطفا بها على الرؤيا . فتأويل الكلام إذن : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ، والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتد ، وتمادي أهل الشرك في شركهم ، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أسري به ، وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه : يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة ، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ؟

وقوله ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) يقول : ونخوف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال ، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا ، يقول : إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خوفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد ، وقالوا : تزقموا من هذا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك; وقد تقدم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال قال ابن جريج ( والشجرة الملعونة ) قال : طلعها كأنه رءوس الشياطين ، والشياطين ملعونون . قال ( والشجرة الملعونة في القرآن ) لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا ، قال الله تبارك وتعالى ، ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية