القول في 
تأويل قوله تعالى : ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا  ( 68 ) )  
[ ص: 498 ] 
يقول تعالى ذكره ( أفأمنتم ) أيها الناس من ربكم ، وقد كفرتم نعمته بتنجيته إياكم من هول ما كنتم فيه في البحر ، وعظيم ما كنتم قد أشرفتم عليه من الهلاك ، فلما نجاكم وصرتم إلى البر كفرتم ، وأشركتم في عبادته غيره ( 
أن يخسف بكم جانب البر  ) يعني ناحية البر ( 
أو يرسل عليكم حاصبا  ) يقول : أو يمطركم حجارة من السماء تقتلكم ، كما فعل 
بقوم لوط   ( 
ثم لا تجدوا لكم وكيلا  ) يقول : ثم لا تجدوا لكم ما يقوم بالمدافعة عنكم من عذابه وما يمنعكم منه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد  ، قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله ( 
أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا  ) يقول : حجارة من السماء ( 
ثم لا تجدوا لكم وكيلا  ) أي منعة ولا ناصرا  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  في قوله ( 
أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا  ) قال : مطر الحجارة إذا خرجتم من البحر  . 
وكان بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله ( 
أو يرسل عليكم حاصبا  ) إلى : أو يرسل عليكم ريحا عاصفا تحصب ، ويستشهد لقوله ذلك بقول الشاعر : 
مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور 
وأصل الحاصب : الريح تحصب بالحصباء; الأرض فيها الرمل والحصى الصغار . يقال في الكلام : حصب فلان فلانا : إذا رماه بالحصباء ، وإنما  
[ ص: 499 ] وصفت الريح بأنها تحصب لرميها الناس بذلك ، كما قال 
الأخطل   : 
ولقد علمت إذا العشار تروحت     هدج الرئال تكبهن شمالا 
ترمي العضاه بحاصب من ثلجها     حتى يبيت على العضاه جفالا