1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة البقرة
  4. القول في تأويل قوله تعالى "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( وإذ أخذنا ميثاقكم ) ، واذكروا إذ أخذنا عهودكم ، بأن خذوا ما آتيناكم من التوراة - التي أنزلتها إليكم أن تعملوا بما فيها من أمري ، وتنتهوا عما نهيتكم فيها - بجد منكم في ذلك ونشاط ، فأعطيتم على العمل بذلك ميثاقكم ، إذ رفعنا فوقكم الجبل .

وأما قوله : ( واسمعوا ) ، فإن معناه : واسمعوا ما أمرتكم به وتقبلوه بالطاعة ، كقول الرجل للرجل يأمره بالأمر : "سمعت وأطعت " ، يعني بذلك : سمعت قولك ، وأطعت أمرك ، كما قال الراجز :


السمع والطاعة والتسليم خير وأعفى لبني تميم

[ ص: 357 ]

يعني بقوله : "السمع " ، قبول ما يسمع ، و "الطاعة " لما يؤمر . فكذلك معنى قوله : ( واسمعوا ) ، اقبلوا ما سمعتم واعملوا به .

قال أبو جعفر : فمعنى الآية : وإذ أخذنا ميثاقكم أن خذوا ما آتيناكم بقوة ، واعملوا بما سمعتم ، وأطيعوا الله ، ورفعنا فوقكم الطور من أجل ذلك .

وأما قوله : ( قالوا سمعنا ) ، فإن الكلام خرج مخرج الخبر عن الغائب بعد أن كان الابتداء بالخطاب ، فإن ذلك كما وصفنا ، من أن ابتداء الكلام ، إذا كان حكاية ، فالعرب تخاطب فيه ثم تعود فيه إلى الخبر عن الغائب ، وتخبر عن الغائب ثم تخاطب ، كما بينا ذلك فيما مضى قبل . فكذلك ذلك في هذه الآية ؛ لأن قوله : ( وإذ أخذنا ميثاقكم ) ، بمعنى : قلنا لكم ، فأجبتمونا .

وأما قوله : ( قالوا سمعنا ) ، فإنه خبر من الله - عن اليهود الذين أخذ ميثاقهم أن يعملوا بما في التوراة ، وأن يطيعوا الله فيما يسمعون منها - أنهم قالوا حين قيل لهم ذلك : سمعنا قولك ، وعصينا أمرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية