1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الكهف
  4. القول في تأويل قوله تعالى "أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ( 31 ) )

يقول تعالى ذكره : لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات عدن ، يعني بساتين إقامة في الآخرة ، ( تجري من تحتهم الأنهار ) يقول : تجري من دونهم ومن بين أيديهم الأنهار ،

وقال جل ثناؤه : من تحتهم ، ومعناه : من دونهم وبين أيديهم ، ( يحلون فيها من أساور ) يقول : يلبسون فيها من الحلي أساور من ذهب ، والأساور : جمع إسوار .

وقوله : ( ويلبسون ثيابا خضرا من سندس )

والسندس : جمع واحدها سندسة ، وهي ما رق من الديباج ، والإستبرق : ما غلظ منه وثخن ، وقيل : إن الإستبرق : هو الحرير ، ومنه قول المرقش :


ترهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طورا لباسها



يعني : وغليظ الديباج .

وقوله : ( متكئين فيها على الأرائك ) يقول : متكئين في جنات عدن على الأرائك ، وهي السرر في الحجال ، واحدتها : أريكة ، ومنه قول الشاعر :


خدودا جفت في السير حتى كأنما     يباشرن بالمعزاء مس الأرائك



ومنه قول الأعشى :


بين الرواق وجانب من سترها     منها وبين أريكة الأنضاد

[ ص: 18 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( على الأرائك ) قال : هي الحجال . قال معمر ، وقال غيره : السرر في الحجال .

وقوله : ( نعم الثواب ) يقول : نعم الثواب جنات عدن ، وما وصف جل ثناؤه أنه جعل لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( وحسنت مرتفقا ) يقول : وحسنت هذه الأرائك في هذه الجنان التي وصف تعالى ذكره في هذه الآية متكأ . وقال جل ثناؤه : ( وحسنت مرتفقا ) فأنث الفعل بمعنى : وحسنت هذه الأرائك مرتفقا ، ولو ذكر لتذكير المرتفق كان صوابا ، لأن نعم وبئس إنما تدخلهما العرب في الكلام لتدلا على المدح والذم لا للفعل ، فلذلك تذكرهما مع المؤنث ، وتوحدهما مع الاثنين والجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية