1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الكهف
  4. القول في تأويل قوله تعالى "فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا ( 40 ) أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ( 41 ) )

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن الموقن للمعاد إلى الله للكافر المرتاب في قيام الساعة : إن ترن أيها الرجل أنا أقل منك مالا وولدا في الدنيا ، فعسى ربي أن يرزقني خيرا من بستانك هذا ( ويرسل عليها ) يعني على جنة الكافر التي قال لها : ما أظن أن تبيد هذه أبدا ( حسبانا من السماء ) يقول : عذابا من السماء ترمي به رميا ، وتقذف . والحسبان : جمع حسبانة ، وهي المرامي .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ويرسل عليها حسبانا من السماء ) عذابا .

حدثت عن محمد بن يزيد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : عذابا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ويرسل عليها حسبانا من السماء ) قال : عذابا ، قال : الحسبان : قضاء من الله يقضيه .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : الحسبان : العذاب .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( حسبانا من السماء ) قال : عذابا .

وقوله : ( فتصبح صعيدا زلقا ) يقول عز ذكره : فتصبح جنتك هذه أيها الرجل أرضا ملساء لا شيء فيها ، قد ذهب كل ما فيها من غرس ونبت ، وعادت [ ص: 26 ] خرابا بلاقع ، زلقا ، لا يثبت في أرضها قدم لا ملساسها ، ودروس ما كان نابتا فيها .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فتصبح صعيدا زلقا ) : أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : ( فتصبح صعيدا زلقا ) قال : مثل الجرز .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال ابن زيد ، في قوله : ( فتصبح صعيدا زلقا ) قال : صعيدا زلقا وصعيدا جرزا واحد ليس فيها شيء من النبات .

وقوله : ( أو يصبح ماؤها غورا ) يقول : أو يصبح ماؤها غائرا ، فوضع الغور وهو مصدر مكان الغائر ، كما قال الشاعر :


تظل جياده نوحا عليه مقلدة أعنتها صفونا



بمعنى نائحة ، وكما قال الآخر :


هريقي من دموعهما سجاما     ضباع وجاوبي نوحا قياما



والعرب توحد الغور مع الجمع والاثنين ، وتذكر مع المذكر والمؤنث ، تقول : ماء غور ، وماءان غور ومياه غور .

ويعني بقوله : ( غورا ) ذاهبا قد غار في الأرض ، فذهب فلا تلحقه الرشاء . [ ص: 27 ]

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أو يصبح ماؤها غورا ) أي ذاهبا قد غار في الأرض .

وقوله : ( فلن تستطيع له طلبا ) يقول : فلن تطيق أن تدرك الماء الذي كان في جنتك بعد غوره ، بطلبك إياه .

التالي السابق


الخدمات العلمية