القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا  ( 83 ) ( 
ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا  ( 84 ) 
فأتبع سببا  ( 85 ) )  
[ ص: 92 ] 
يقول تعالى ذكره لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم : ويسألك يا 
محمد  هؤلاء المشركون عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15873ذي القرنين  ما كان شأنه ، وما كانت قصته ، فقل لهم : سأتلو عليكم من خبره ذكرا يقول : سأقص عليكم منه خبرا . وقد قيل : إن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر 
 nindex.php?page=showalam&ids=15873ذي القرنين ،  كانوا قوما من 
أهل الكتاب   . 
فأما الخبر بأن الذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل . 
وأما الخبر بأن الذين سألوه ، كانوا قوما من 
أهل الكتاب  ، فحدثنا به 
أبو كريب   . قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن حباب  عن 
ابن لهيعة  ، قال : ثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=13786عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ،  عن شيخين من 
تجيب ،  قال : أحدهما لصاحبه : انطلق بنا إلى 
عقبة بن عامر  نتحدث ، قالا فأتياه فقالا جئنا لتحدثنا ، فقال : 
 "كنت يوما أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت من عنده ، فلقيني قوم من أهل الكتاب ، فقالوا : نريد أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذن لنا عليه ، فدخلت عليه ، فأخبرته ، فقال : ما لي وما لهم ، ما لي علم إلا ما علمني الله" ، ثم قال : اسكب لي ماء ، فتوضأ ثم صلى ، قال : فما فرغ حتى عرفت السرور في وجهه ، ثم قال : "أدخلهم علي ، ومن رأيت من أصحابي فدخلوا فقاموا بين يديه ، فقال : إن شئتم سألتم فأخبرتكم عما تجدونه في كتابكم مكتوبا ، وإن شئتم أخبرتكم ، قالوا : بلى أخبرنا ، قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين ، وما تجدونه في كتابكم : كان شابا من الروم ، فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندرية ، فلما فرغ جاءه ملك فعلا به في السماء ، فقال له ما ترى؟ فقال : أرى مدينتي ومدائن ، ثم علا به ، فقال : ما ترى؟ فقال : أرى مدينتي ، ثم علا به فقال : ما ترى؟ قال : أرى الأرض ، قال : فهذا اليم محيط بالدنيا ، إن الله بعثني إليك تعلم الجاهل ، وتثبت العالم ، فأتى به السد ، وهو جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء ، ثم مضى به حتى جاوز يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به إلى أمة أخرى ، وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به حتى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب ، ثم مضى حتى قطع به هؤلاء إلى أمة أخرى قد سماهم  " .  
[ ص: 93 ] 
واختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله قيل لذي القرنين : ذو القرنين ، فقال بعضهم : 
قيل له ذلك من أجل أنه ضرب على قرنه فهلك ، ثم أحيي فضرب على القرن الآخر فهلك . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
حكام ،  عن 
عنبسة ،  عن 
عبيد المكتب ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ،  قال : سأل 
ابن الكواء  عليا  عن ذي القرنين ، فقال : هو عبد أحب الله فأحبه ، وناصح الله فنصحه ، فأمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه فقتلوه ، ثم بعثه الله ، فضربوه على قرنه فمات  . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ،  قال : ثنا 
يحيى ،  عن 
سفيان ،  عن 
حبيب بن أبي ثابت ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ،  قال : سئل 
علي  رضوان الله عليه عن ذي القرنين ، فقال : كان عبدا ناصح الله فناصحه ، فدعا قومه إلى الله ، فضربوه على قرنه فمات ، فأحياه الله ، فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات ، فسمي ذا القرنين  . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ،  قال : ثنا 
محمد بن جعفر ،  قال : ثنا 
شعبة ،  عن 
القاسم بن أبى بزة ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ،  قال : سمعت 
عليا  وسألوه عن ذي القرنين أنبيا كان؟ قال : كان عبدا صالحا ، أحب الله ، فأحبه الله ، وناصح الله فنصحه ، فبعثه الله إلى قومه ، فضربوه ضربتين في رأسه ، فسمي ذا القرنين ، وفيكم اليوم مثله  . 
وقال آخرون في ذلك بما حدثني به 
محمد بن سهل البخاري ،  قال : ثنا 
إسماعيل بن عبد الكريم ،  قال : ثني 
عبد الصمد بن معقل ،  قال : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه   : كان ذو القرنين ملكا ، فقيل له : فلم سمي ذا القرنين؟ قال : اختلف فيه أهل الكتاب . فقال بعضهم : ملك الروم وفارس . وقال بعضهم : كان في رأسه شبه القرنين  . 
وقال آخرون : إنما سمي ذلك لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
سلمة   . قال : ثني 
ابن أبي إسحاق   . قال : ثني من لا أتهم عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه اليماني ،  قال : إنما سمي ذا القرنين أن صفحتي رأسه كانتا من نحاس  . 
وقوله : ( إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا  ) يقول : إنا وطأنا له في الأرض ، ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) يقول وآتيناه من كل شيء ،  
[ ص: 94 ] يعني ما يتسبب إليه وهو العلم به . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي ،  قال ثنا 
عبد الله ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) يقول : علما  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) أي علما  . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال : قال 
ابن زيد  ، في قوله ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) قال : من كل شيء علما  . . 
- حدثنا 
القاسم ،  قال ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  قوله ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) قال : علم كل شيء  . 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) علما  . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
وآتيناه من كل شيء سببا  ) يقول : علما  . 
وقوله : ( 
فأتبع سببا  ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء 
المدينة  والبصرة  ، فاتبع بوصل الألف ، وتشديد التاء ، بمعنى : سلك وسار ، من قول القائل : اتبعت أثر فلان : إذا قفوته ; وسرت وراءه . وقرأ ذلك عامة قراء 
الكوفة   ( فأتبع ) بهمز الألف ، وتخفيف التاء ، بمعنى لحق . 
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب : قراءة من قرأه ( فاتبع ) بوصل الألف ، وتشديد التاء ، لأن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن مسير ذي القرنين في الأرض التي مكن له فيها ، لا عن لحاقه السبب ، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   " فاتبع سببا" يعني بالسبب ، المنزل  . 
حدثنا 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى  ، وحدثني  
[ ص: 95 ] الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  في قوله : ( سببا ) قال : منزلا وطريقا ما بين المشرق والمغرب  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
مجاهد ،  نحوه . 
حدثني 
محمد بن عمارة الأسدي ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ،  قال : أخبرنا 
إسرائيل ،  عن 
أبي يحيى ،  عن 
مجاهد   " فاتبع سببا" قال : طريقا في الأرض  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   " فاتبع سببا" : اتبع منازل الأرض ومعالمها  . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله "فاتبع سببا " قال : هذه الآن سبب الطرق كما قال فرعون ( 
يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات  ) قال : طرق السماوات  . 
حدثنا 
الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله : " فاتبع سببا" قال : منازل الأرض  . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : أخبرنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول ، في قوله " فاتبع سببا " قال : المنازل  .