القول في تأويل قوله تعالى : ( 
ثم أتبع سببا  ( 89 ) 
حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ( 90 ) 
كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا  ( 91 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ثم سار وسلك 
ذو القرنين  طرقا ومنازل . 
كما حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله ( 
ثم أتبع سببا  ) يعني منزلا  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
ثم أتبع سببا  ) منازل الأرض ومعالمها ( 
حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) 
يقول تعالى ذكره : ووجد ذو القرنين الشمس تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ، وذلك أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر ، ولا تحتمل بناء فيسكنوا البيوت ، وإنما يغورون في المياه ، أو يسربون في الأسراب . . . 
كما حدثني 
إبراهيم بن المستمر ،  قال : ثنا 
سليمان بن داود  وأبو داود ،   [ ص: 100 ] قال : ثنا 
سهل بن أبي الصلت السراج ،  عن 
الحسن   ( 
تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) قال : كانت أرضا لا تحتمل البناء ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس تغور في الماء ، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم ، قال : ثم قال 
الحسن   : هذا حديث 
سمرة   . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) ذكر لنا أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه البناء ، وإنما يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت عنهم الشمس خرجوا إلى معايشهم وحروثهم ، قال : ( 
كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا  )  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  في قوله ( 
وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) قال : لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، وجاءهم جيش مرة ، فقال لهم أهلها : لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها ، فقالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام؟ قالوا : هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا ، قال : فذهبوا هاربين في الأرض  . 
حدثنا 
الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا 
معمر ،  عن 
قتادة ،  قوله : ( 
تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) قال : بلغنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليهم بناء ، فكانوا يدخلون في أسراب لهم إذا طلعت الشمس ، حتى تزول عنهم ، ثم يخرجون إلى معايشهم  . 
وقال آخرون : هم 
الزنج   . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله ( 
تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا  ) قال : يقال : هم الزنج  . 
وأما قوله : ( كذلك ) فإن معناه : ثم أتبع سببا كذلك ، حتى إذا بلغ مطلع الشمس ; وكذلك : من صلة أتبع ، وإنما معنى الكلام : ثم أتبع سببا ، حتى بلغ  
[ ص: 101 ] مطلع الشمس ، كما أتبع سببا حتى بلغ مغربها . 
وقوله ( 
وقد أحطنا بما لديه خبرا  ) يقول : وقد أحطنا بما عند مطلع الشمس علما لا يخفى علينا ما هنالك من الخلق وأحوالهم وأسبابهم ، ولا من غيرهم شيء . 
وبالذي قلنا في معنى الخبر ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( خبرا ) قال : علما  . 
حدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  مثله . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله ( 
كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا  ) قال : علما  .