القول في 
تأويل قوله تعالى : ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا  ( 99 ) 
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا  ( 100 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وتركنا عبادنا يوم يأتيهم وعدنا الذي وعدناهم ، بأنا ندك الجبال وننسفها عن الأرض نسفا ، فنذرها قاعا صفصفا ، بعضهم يموج في بعض ، يقول : يختلط جنهم بإنسهم . 
كما ثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
يعقوب القمي ،  عن 
هارون بن عنترة ،  عن شيخ من 
بني فزارة ،  في قوله ( 
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض  ) قال : إذا ماج الجن والإنس ، قال إبليس : فأنا أعلم لكم علم هذا الأمر ، فيظعن إلى المشرق ، فيجد الملائكة قد قطعوا الأرض ، ثم يظعن إلى المغرب ، فيجد الملائكة قد قطعوا الأرض ، ثم يصعد يمينا وشمالا إلى أقصى الأرض ، فيجد الملائكة قطعوا الأرض ، فيقول : ما من محيص ، فبينا هو كذلك ، إذ عرض له طريق كالشراك ، فأخذ عليه هو وذريته ، فبينما هم عليه ، إذ هجموا على النار ، فأخرج الله خازنا من خزان النار ، قال : يا إبليس ألم تكن لك المنزلة عند ربك ، ألم تكن في الجنان؟ فيقول : ليس هذا يوم عتاب ، لو أن الله فرض علي فريضة لعبدته فيها عبادة لم يعبده مثلها أحد من خلقه ، فيقول : فإن الله قد فرض عليك فريضة ، فيقول : ما هي؟ فيقول : يأمرك أن تدخل النار ، فيتلكأ  
[ ص: 121 ] عليه ، فيقول به وبذريته بجناحيه ، فيقذفهم في النار ، فتزفر النار زفرة فلا يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا جثى لركبتيه . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله ( 
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض  ) قال : هذا أول القيامة ، ثم نفخ في الصور على أثر ذلك فجمعناهم جمعا ، 
( 
ونفخ في الصور  ) قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل فيما مضى في الصور ، وما هو ، وما عني به . 
واخترنا الصواب من القول في ذلك بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم نذكر في ذلك الموضع من الأخبار . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى ،  قال : ثنا 
المعتمر بن سليمان ،  عن أبيه ، قال : ثنا 
أسلم ،  عن 
بشر بن شغاف ،  عن 
عبد الله بن عمرو ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810796أن أعرابيا سأله عن الصور ، قال " قرن ينفخ فيه  " . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
معاوية بن هشام ،  عن 
سفيان ،  عن 
سليمان التيمي ،  عن 
العجلي ،  عن 
بشر بن شغاف ،  عن 
عبد الله بن عمرو ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . 
حدثنا 
محمد بن الحارث القنطري ،  قال : ثنا 
يحيى بن أبي بكير ،  قال : كنت في جنازة 
عمر بن ذر  فلقيت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ،  فحدثنا عن 
عطية العوفي ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810797كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم وحنى الجبهة ، وأصغى بالأذن متى يؤمر ، فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قولوا حسبنا الله وعلى الله توكلنا ، ولو اجتمع أهل منى ما أقالوا ذلك القرن  " كذا قال ، وإنما هو ما أقلوا . 
حدثني 
أبو السائب ،  قال : ثنا 
حفص ،  عن 
الحجاج ،  عن 
عطية ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810798كيف أنعم  [ ص: 122 ] وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى ظهره وجحظ بعينيه ، قالوا : ما نقول يا رسول الله؟ قال : قولوا : حسبنا الله ، توكلنا على الله  " . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
ابن فضيل ،  عن 
مطرف ،  عن 
عطية ،  عن 
ابن عباس ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810799كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته يستمع متى يؤمر فينفخ فيه ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف نقول؟ قال : تقولون : حسبنا الله ونعم الوكيل ، توكلنا على الله  " . 
حدثنا 
أبو كريب   nindex.php?page=showalam&ids=14120والحسن بن عرفة ،  قالا ثنا 
أسباط ،  عن 
مطرف ،  عن 
عطية ،  عن 
ابن عباس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
حدثني 
يعقوب ،  قال : ثنا 
شعيب بن حرب ،  قال : ثنا 
خالد أبو العلاء ،  قال : ثنا 
عطية العوفي ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812407كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى الجبهة ، وأصغى بالأذن متى يؤمر أن ينفخ ، ولو أن أهل منى اجتمعوا على القرن على أن يقلوه من الأرض ، ما قدروا عليه" قال : فأبلس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشق عليهم ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا  " . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
عبد الرحمن بن محمد المحاربي ،  عن 
إسماعيل بن رافع المدني ،  عن 
يزيد بن فلان ،  عن رجل من 
الأنصار ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ،  عن رجل من الأنصار ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812408لما فرغ الله من خلق السماوات والأرض ، خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل ، فهو وضعه على فيه شاخص بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر ، قال أبو هريرة : يا رسول الله ، ما الصور؟ قال : قرن ، قال : وكيف هو؟ قال : قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين  " . 
وقوله ( 
فجمعناهم جمعا  ) يقول : فجمعنا جميع الخلق حينئذ لموقف الحساب جميعا . 
وقوله ( 
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا  ) يقول : وأبرزنا جهنم يوم ينفخ في الصور ، فأظهرناها للكافرين بالله ، حتى يروها ويعاينوها  
[ ص: 123 ] كهيئة السراب ، ولو جعل الفعل لها قيل : أعرضت إذا استبانت . كما قال 
عمرو بن كلثوم   : 
وأعرضت اليمامة واشمخرت كأسياف بأيدي مصلتينا 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . . 
ذكر من قال ذلك : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ،  قال : ثنا 
عبد الرحمن بن مهدي ،  قال : ثنا 
سفيان ،  عن 
سلمة بن كهيل ،  قال : ثنا 
أبو الزعراء ،  عن 
عبد الله ،  قال : يقوم الخلق لله إذا نفخ في الصور ، قيام رجل واحد ، ثم يتمثل الله عز وجل للخلق فما يلقاه أحد من الخلائق كان يعبد من دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه ، قال : فيلقى اليهود فيقول : من تعبدون؟ قال : فيقولون : نعبد عزيرا ، قال : فيقول : هل يسركم الماء؟ فيقولون نعم ، فيريهم جهنم وهي كهيئة سراب ، ثم قرأ ( 
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا  ) ثم يلقى النصارى فيقول : من تعبدون؟ فيقولون : نعبد المسيح ، فيقول : هل يسركم الماء؟ فيقولون نعم ، قال : فيريهم جهنم وهي كهيئه السراب ، ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله ( 
وقفوهم إنهم مسئولون  )