1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة مريم
  4. القول في تأويل قوله تعالى "فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ( 11 ) )

يقول تعالى ذكره : فخرج زكريا على قومه من مصلاه حين حبس لسانه عن كلام الناس ، آية من الله له على حقيقة وعده إياه ما وعد . فكان ابن جريج يقول في معنى خروجه من محرابه ، ما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( فخرج على قومه من المحراب ) قال : أشرف على قومه من المحراب .

قال أبو جعفر : وقد بينا معنى المحراب فيما مضى قبل ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فخرج على قومه من المحراب ) قال : المحراب : مصلاه ، وقرأ : ( فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب )

وقوله : ( فأوحى إليهم ) يقول : أشار إليهم ، وقد تكون تلك الإشارة باليد وبالكتاب وبغير ذلك ، مما يفهم به عنه ما يريد . وللعرب في ذلك لغتان : وحى ، وأوحى فمن قال : وحى ، قال في يفعل : يحي; ومن قال : أوحى ، قال : يوحي ، وكذلك أومى وومى ، فمن قال : ومى ، قال في يفعل يمي; ومن قال أومى ، قال يومي .

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي به أوحى إلى قومه ، فقال بعضهم : أوحى إليهم إشارة باليد .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فأوحى ) : فأشار زكريا .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 154 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ( فأوحى إليهم ) قال : الوحي : الإشارة .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ( فأوحى إليهم ) قال : أومى إليهم .

وقال آخرون : معنى أوحى : كتب .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمود بن خداش ، قال : ثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) قال : كتب لهم في الأرض .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ( فأوحى إليهم ) قال : كتب لهم .

حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( فخرج على قومه من المحراب ) فكتب لهم في كتاب ( أن سبحوا بكرة وعشيا ) ، وذلك قوله ( فأوحى إليهم )

وقال آخرون : معنى ذلك : أمرهم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) قال : ما أدري كتابا كتبه لهم ، أو إشارة أشارها ، والله أعلم ، قال : أمرهم أن سبحوا بكرة وعشيا ، وهو لا يكلمهم .

وقوله ( أن سبحوا بكرة وعشيا ) قد بينت فيما مضى الوجوه التي ينصرف فيها التسبيح ، وقد يجوز في هذا الموضع أن يكون عنى به التسبيح الذي هو ذكر الله ، فيكون أمرهم بالفراغ لذكر الله في طرفي النهار بالتسبيح ، ويجوز أن يكون عنى به الصلاة ، فيكون أمرهم بالصلاة في هذين الوقتين .

وكان قتادة يقول في قوله ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) قال : أومى إليهم أن صلوا بكرة وعشيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية