القول في 
تأويل قوله تعالى : ( فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا  ( 49 ) 
ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا  ( 50 ) ) 
يقول تعالى ذكره : فلما اعتزل 
إبراهيم  قومه وعبادة ما كانوا يعبدون من دون الله من الأوثان آنسنا وحشته من فراقهم ، وأبدلناه منهم بمن هو خير منهم وأكرم على الله منهم ، فوهبنا له ابنه 
إسحاق ،  وابن ابنه 
يعقوب بن إسحاق   ( 
وكلا جعلنا نبيا  ) فوحد ، ولم يقل أنبياء ، لتوحيد لفظ "كل" ( 
ووهبنا لهم من رحمتنا  ) يقول جل ثناؤه : ورزقنا جميعهم ، يعني 
إبراهيم  وإسحاق  ويعقوب  من رحمتنا ، وكان الذي وهب لهم من رحمته ، ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه ، وأغناهم بفضله . 
وقوله ( 
وجعلنا لهم لسان صدق عليا  ) يقول تعالى ذكره : ورزقناهم الثناء الحسن ، والذكر الجميل من الناس . 
كما حدثني 
علي ،  قال : ثنا 
عبد الله  ، قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله ( 
وجعلنا لهم لسان صدق عليا  ) يقول : الثناء الحسن  . 
وإنما وصف جل ثناؤه اللسان الذي جعل لهم بالعلو ، لأن جميع أهل الملل تحسن الثناء عليهم ، والعرب تقول : قد جاءني لسان فلان ، تعني ثناءه أو ذمه; ومنه قول 
عامر بن الحارث   : 
إني أتتني لسان لا أسر بها من علو لا عجب منها ولا سخر 
 [ ص: 209 ] 
ويروى : لا كذب فيها ولا سخر : 
جاءت مرجمة قد كنت أحذرها     لو كان ينفعني الإشفاق والحذر 
مرجمة : يظن بها .