صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ( 52 ) ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ( 53 ) )

يقول تعالى ذكره : ونادينا موسى من ناحية الجبل ، ويعني بالأيمن : يمين موسى ، لأن الجبل لا يمين له ولا شمال ، وإنما ذلك كما يقال : قام عن يمين القبلة وعن شمالها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( من جانب الطور الأيمن ) قال : جانب الجبل الأيمن . وقد بينا معنى الطور واختلاف المختلفين فيه ، ودللنا على الصواب من القول فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقوله ( وقربناه نجيا ) يقول تعالى ذكره : وأدنيناه مناجيا ، كما يقال : فلان نديم فلان ومنادمه ، وجليس فلان ومجالسه . وذكر أن الله جل ثناؤه أدناه ، حتى سمع صريف القلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( وقربناه نجيا ) قال : أدني حتى سمع صريف القلم .

حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكر ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، قال : أراه عن مجاهد ، في قوله ( وقربناه نجيا ) قال : بين السماء الرابعة ، أو قال : السابعة ، وبين العرش سبعون ألف حجاب : حجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وحجاب نور ، وحجاب ظلمة; فما زال يقرب موسى حتى كان بينه وبينه حجاب ، وسمع صريف القلم ( قال رب أرني أنظر إليك ) . [ ص: 211 ]

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : قربه منه حتى سمع صريف القلم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن ميسرة ( وقربناه نجيا ) قال : أدني حتى سمع صريف القلم في اللوح ، وقال شعبة : أردفه جبرائيل عليه السلام .

وقال قتادة في ذلك ، ما حدثنا به الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( وقربناه نجيا ) قال : نجا بصدقه .

وقوله ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون ) يقول : ووهبنا لموسى رحمة منا أخاه هارون ( نبيا ) يقول أيدناه بنبوته ، وأعناه بها .

كما حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن داود ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس : قوله ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) قال : كان هارون أكبر من موسى ، ولكن أراد وهب له نبوته .

التالي السابق


الخدمات العلمية