صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( 71 ) )

يقول تعالى ذكره : وإن منكم أيها الناس إلا وارد جهنم ، كان على ربك يا محمد إيرادهموها قضاء مقضيا ، قد قضى ذلك وأوجبه في أم الكتاب . [ ص: 230 ]

واختلف أهل العلم في معنى الورود الذي ذكره الله في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الدخول .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو ، قال : أخبرني من سمع ابن عباس يخاصم نافع بن الأزرق ، فقال ابن عباس : الورود : الدخول ، وقال نافع : لا فقرأ ابن عباس : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) أورود هو أم لا؟ وقال ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) أورود هو أم لا؟ أما أنا وأنت فسندخلها ، فانظر هل نخرج منها أم لا؟ وما أرى الله مخرجك منها بتكذيبك ، قال : فضحك نافع .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال . قال أبو راشد الحروري : ذكروا هذا فقال الحروري : لا يسمعون حسيسها ، قال ابن عباس : ويلك أمجنون أنت؟ أين قوله تعالى ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) ، وقوله ( وإن منكم إلا واردها ) والله إن كان دعاء من مضى : اللهم أخرجني من النار سالما ، وأدخلني الجنة غانما .

قال ابن جريج : يقول : الورود الذي ذكره الله في القرآن : الدخول ، ليردنها كل بر وفاجر في القرآن أربعة أوراد ( فأوردهم النار ) و ( حصب جهنم أنتم لها واردون ) ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) ، وقوله ( وإن منكم إلا واردها ) .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) يعني البر والفاجر ، ألم تسمع إلى قول الله تعالى لفرعون ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) وقال ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) فسمى الورود في النار دخولا وليس بصادر .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن بكار بن أبي مروان ، عن خالد بن معدان ، قال : قال أهل الجنة بعد ما دخلوا الجنة : ألم [ ص: 231 ] يعدنا ربنا الورود على النار؟ قال : قد مررتم عليها وهي خامدة .

قال ابن عرفة ، قال مروان بن معاوية ، قال بكار بن أبي مروان ، أو قال : جامدة .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا مرحوم بن عبد العزيز ، قال : ثني أبو عمران الجوني ، عن أبي خالد قال : تكون الأرض يوما نارا ، فماذا أعددتم لها؟ قال : فذلك قول الله ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي السليل ، عن غنيم بن قيس ، قال : ذكروا ورود النار ، فقال كعب : تمسك النار للناس كأنها متن إهالة ، حتى يستوي عليها أقدام الخلائق برهم وفاجرهم ، ثم يناديها مناد : أن أمسكي أصحابك ، ودعي أصحابي ، قال : فيخسف بكل ولي لها ، ولهي أعلم بهم من الرجل بولده ، ويخرج المؤمنون ندية أبدانهم . قال : وقال كعب : ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنة ، مع كل واحد منهم عمود له شعبتان ، يدفع به الدفعة ، فيصرع به في النار سبعمائة ألف .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن مالك بن مغول ، عن أبي إسحاق ، قال : كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه ، قال : يا ليت أمي لم تلدني ، ثم يبكي ، فقيل : وما يبكيك يا أبا ميسرة؟ قال : أخبرنا أنا واردوها ، ولم يخبرنا أنا صادرون عنها .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : بكى عبد الله بن رواحة في مرضه ، فبكت امرأته ، فقال : ما يبكيك ، قالت : رأيتك تبكي فبكيت ، قال ابن رواحة : إني قد علمت إنى وارد النار فما أدري أناج منها أنا أم لا؟ .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو عمرو داود بن الزبرقان ، قال : سمعت السدي يذكر عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ( وإن منكم إلا واردها ) قال : داخلها . [ ص: 232 ]

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله ( وإن منكم إلا واردها ) قال : يدخلها .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : كان عبد الله بن رواحة واضع رأسه في حجر امرأته ، فبكى ، فبكت امرأته ، قال : ما يبكيك؟ قالت : رأيتك تبكي فبكيت ، قال : إني ذكرت قول الله ( وإن منكم إلا واردها ) فلا أدري أنجو منها ، أم لا؟ .

وقال آخرون : بل هو المر عليها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإن منكم إلا واردها ) يعني جهنم مر الناس عليها .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله ( وإن منكم إلا واردها ) قال : هو المر عليها .

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر ، قال : أخبرنا إسرائيل ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله ( وإن منكم إلا واردها ) قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف ، فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم ، ثم يمرون والملائكة يقولون : اللهم سلم سلم .

وقال آخرون : بل الورود : هو الدخول ، ولكنه عنى الكفار دون المؤمنين .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عبد الله بن السائب ، عن رجل سمع ابن عباس يقرؤها ( وإن منكم إلا واردها ) يعني الكفار ، قال : لا يردها مؤمن .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عمرو بن الوليد الشني ، قال : سمعت عكرمة يقول ( وإن منكم إلا واردها ) يعني الكفار .

وقال آخرون : بل الورود عام لكل مؤمن وكافر ، غير أن ورود المؤمن المرور ، وورود الكافر الدخول . [ ص: 233 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وإن منكم إلا واردها ) ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها وورود المشركين أن يدخلوها ، قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الزالون والزالات يومئذ كثير ، وقد أحاط الجسر سماطان من الملائكة ، دعواهم يومئذ يا الله سلم " .

وقال آخرون : ورود المؤمن ما يصيبه في الدنيا من حمى ومرض .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد قال : الحمى حظ كل مؤمن من النار ، ثم قرأ ( وإن منكم إلا واردها ) .

حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا أبو المغيرة ، قال : ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، قال : ثنا إسماعيل بن عبيد الله ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلا من أصحابه وبه وعك وأنا معه ، ثم قال : "إن الله يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن ، لتكون حظه من النار في الآخرة " .

وقال آخرون : يردها الجميع ، ثم يصدر عنها المؤمنون بأعمالهم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، قال : ثني السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ( وإن منكم إلا واردها ) قال : يردونها ثم يصدون عنها بأعمالهم .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا شعبة ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، بنحوه .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا أسباط ، عن عبد الملك ، عن عبيد الله ، عن مجاهد ، قال : كنت عند ابن عباس ، فأتاه رجل يقال له أبو راشد ، وهو نافع بن الأزرق ، فقال له : يا ابن عباس أرأيت قول الله ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) قال : أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها ، فانظر هل نصدر عنها أم لا؟ . [ ص: 234 ]

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود ، فقال : نحن يوم القيامة على كوى أو كرى ، فوق الناس ، فتدعى الأمم بأوثانها ، وما كانت تعبد الأول فالأول ، فينطلق بهم ويتبعونه ، قال : ويعطى كل إنسان منافق ومؤمن نورا ، ويغشى ظلمة ثم يتبعونه ، وعلى جسر جهنم كلاليب تأخذ من شاء الله ، فيطفأ نور المنافق ، وينجو المؤمنون ، فتنجو أول زمرة كالقمر ليلة البدر ، وسبعون ألفا لا حساب عليهم ، ثم الذين يلونهم كأضواء نجم في السماء ، ثم كذلك ، ثم تحل الشفاعة فيشفعون ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله ممن في قلبه وزن شعيرة من خير ، ثم يلقون تلقاء الجنة ، ويهريق عليهم أهل الجنة الماء ، فينبتون نبات الشيء في السيل ، ثم يسألون فيجعل لهم الدنيا وعشرة أمثالها .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن المبارك ، عن الحسن ، قال : قال رجل لأخيه : هل أتاك بأنك وارد النار؟ قال : نعم ، قال : فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال : لا قال : ففيم الضحك؟ قال : فما رؤي ضاحكا حتى لحق بالله .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه أنه قال لبسر بن سعيد : إن فلانا يقول : إن ورود النار القيام عليها . قال بسر : أما أبو هريرة فسمعته يقول : "إذا كان يوم القيامة ، يجتمع الناس نادى مناد : ليلحق كل أناس بما كانوا يعبدون ، فيقوم هذا إلى الحجر ، وهذا إلى الفرس ، وهذا إلى الخشبة حتى يبقى الذين يعبدون الله ، فيأتيهم الله ، فإذا رأوه قاموا إليه ، فيذهب بهم فيسلك بهم على الصراط ، وفيه عليق ، فعند ذلك يؤذن بالشفاعة ، فيمر الناس ، والنبيون يقولون : اللهم سلم سلم . قال بكير : فكان ابن عميرة يقول : فناج مسلم ومنكوس في جهنم ومخدوش ، ثم ناج .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون ، فينجيهم الله ، ويهوي فيها الكفار وورودهموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم ، فناج مسلم ومكدس فيها . [ ص: 235 ]

ذكر الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة : "لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية ، قالت : فقالت حفصة : يا رسول الله ، أليس الله يقول ( وإن منكم إلا واردها ) ؟ فقال رسول الله : "فمه ( ثم ينجي الله الذين اتقوا ) " .

حدثنا الحسن بن مدرك ، قال : ثنا يحيى بن حماد ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن أم مبشر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن أم مبشر ، عن حفصة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية ، قالت : فقلت يا رسول الله ، أليس الله يقول : ( وإن منكم إلا واردها ) ؟ قال : فلم تسمعيه يقول : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) ؟" .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقب ، عن سليمان بن عمرو بن عبد العتواري ، أحد بني ليث ، وكان في حجر أبي سعيد ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يوضع الصراط بين ظهري جهنم ، عليه حسك كحسك السعدان ، ثم يستجيز الناس ، فناج مسلم ومجروح به ، ثم ناج ومحتبس ومكدس فيها ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد تفقد المؤمنون رجالا كانوا معهم في الدنيا يصلون صلاتهم ، ويزكون زكاتهم ويصومون صيامهم ، ويحجون حجهم ، ويغزون غزوهم ، فيقولون : أي ربنا عباد من عبادك كانوا معنا في الدنيا ، يصلون صلاتنا ، ويزكون زكاتنا ، ويصومون صيامنا ، ويحجون حجنا ، ويغزون غزونا ، لا نراهم ، فيقول : اذهبوا إلى النار ، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه ، فيجدونهم قد أخذتهم النار على قدر أعمالهم ، فمنهم من أخذته النار إلى قدميه ، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه ، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه ، ومنهم من أخذته إلى [ ص: 236 ] ثدييه ، ومنهم من أخذته إلى عنقه ولم تغش الوجوه ، فيستخرجونهم منها ، فيطرحونهم في ماء الحياة ; قيل : وما ماء الحياة يا رسول الله؟ قال غسل أهل الجنة ، فينبتون كما تنبت الزرعة في غثاء السيل ، ثم تشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا ، فيستخرجونهم منها ، ثم يتحنن الله برحمته على من فيها ، فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا أخرجه منها " .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث بن خالد ، عن يزيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يؤتي بالجسر - يعني يوم القيامة - فيجعل بين ظهري جهنم ، قلنا : يا رسول الله وما الجسر؟ قال : مدحضة مزلة ، عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد ، يقال لها السعدان ، يمر المؤمنون عليها كالطرف والبرق وكالريح ، وكأجاود الخيل والركاب ، فناج مسلم ، ومخدوش مسلم ، ومكدوس في جهنم ، ثم يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد مناشدة لي في الحق قد تبين لكم ، من المؤمنين يومئذ للجبار تبارك وتعالى ، إذا رأوهم قد نجوا وبقي إخوانهم " .

حدثني أحمد بن عيسى ، قال : ثنا سعيد بن كثير بن عفير ، قال : ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، قال : سألت جابر بن عبد الله عن الورود ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هو الدخول ، يردون النار حتى يخرجوا منها ، فآخر من يبقى رجل على الصراط يزحف ، فيرفع الله له شجرة ، قال : فيقول : أي رب أدنني منها ، قال : فيدنيه الله تبارك وتعالى منها ، قال : ثم يقول : أي رب أدخلني الجنة ، قال : فيقول : سل ، قال : فيسأل ، قال : فيقول : ذلك لك وعشرة أضعافه أو نحوها; قال : فيقول : يا رب تستهزئ بي؟ قال : فيضحك حتى تبدو لهواته وأضراسه " .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب "ح "; وحدثنا أبو كريب ، قال : ثنا محمد بن زيد ، عن رشدين ، جميعا عن [ ص: 237 ] زياد بن فائد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من حرس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا ، لا يأخذه سلطان بحرس ، لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم ، فإن الله تعالى يقول ( وإن منكم إلا واردها ) " .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، أخبرني الزهري ، عن ابن المسيب عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من مات له ثلاثة لم تمسه النار إلا تحلة القسم" يعني : الورود .

وأما قوله ( كان على ربك حتما مقضيا ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم معناه : كان على ربك قضاء مقضيا .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( حتما ) قال : قضاء .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( حتما مقضيا ) قال : قضاء .

وقال آخرون : بل معناه : كان على ربك قسما واجبا .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو عمرو داود بن الزبرقان ، قال : سمعت السدي يذكر عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ( كان على ربك حتما مقضيا ) قال : قسما واجبا .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( كان على ربك حتما مقضيا ) يقول : قسما واجبا .

قال أبو جعفر : وقد بينت القول في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية