صفحة جزء
[ ص: 254 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ( 85 ) ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ( 86 ) )

يقول تعالى ذكره : يوم نجمع الذين اتقوا في الدنيا فخافوا عقابه ، فاجتنبوا لذلك معاصيه ، وأدوا فرائضه - إلى ربهم ( وفدا ) يعني بالوفد : الركبان ، يقال : وفدت على فلان : إذا قدمت عليه ، وأوفد القوم وفدا على أميرهم ، إذا بعثوا قبلهم بعثا . والوفد في هذا الموضع بمعنى الجمع ، ولكنه واحد ، لأنه مصدر واحدهم وافد ، وقد يجمع الوفد الوفود ، كما قال بعض بني حنيفة :


إني لممتدح فما هو صانع رأس الوفود مزاحم بن جساس



وقد يكون الوفود في هذا الموضع جمع وافد ، كما الجلوس جمع جالس .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، في قوله ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها ، عليها رحال الذهب ، وأزمتها الزبرجد ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي هريرة ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : على الإبل . [ ص: 255 ]

حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) يقول : ركبانا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو بن قيس الملائي ، قال : إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن صورة ، وأطيبها ريحا ، فيقول : هل تعرفني؟ فيقول : لا إلا أن الله طيب ريحك وحسن صورتك ، فيقول : كذلك كنت في الدنيا أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا ، فاركبني أنت اليوم ، وتلا ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ( إلى الرحمن وفدا ) قال : وفدا إلى الجنة .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : على النجائب .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : على الإبل النوق .

وقوله ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) يقول تعالى ذكره : ونسوق الكافرين بالله الذين أجرموا إلى جهنم عطاشا ، والورد : مصدر من قول القائل : وردت كذا أرده وردا ، ولذلك لم يجمع ، وقد وصف به الجمع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثني عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) يقول : عطاشا .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي هريرة ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) قال : عطاشا .

حدثني يعقوب والفضل بن صباح ، قالا ثنا إسماعيل بن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول في قوله ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) قال : عطاشا .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن يونس ، عن الحسن ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( إلى جهنم وردا ) قال : ظماء إلى النار .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) سوقوا إليها وهم ظمء عطاش .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : سمعت سفيان يقول في قوله ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) قال : عطاشا .

التالي السابق


الخدمات العلمية