القول في تأويل 
قوله تعالى : ( لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ( 87 ) ) 
يقول تعالى ذكره : لا يملك هؤلاء الكافرون بربهم يا 
محمد ،  يوم يحشر الله المتقين إليه وفدا الشفاعة ، حين يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض عند الله ، فيشفع بعضهم لبعض ( 
إلا من اتخذ  ) منهم ( 
عند الرحمن  ) في الدنيا ( عهدا ) بالإيمان به ، وتصديق رسوله ، والإقرار بما جاء به ، والعمل بما أمر به . 
كما حدثني 
علي ،  قال : ثنا 
عبد الله ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله ( 
إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ) قال : العهد : شهادة أن لا إله إلا الله ، ويتبرأ إلى الله من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله  .  
[ ص: 256 ] 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  قوله ( 
لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ) قال : المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء ( 
إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ) قال : عملا صالحا  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله ( 
لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ) : أي بطاعته ، وقال في آية أخرى ( 
لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا  ) ليعلموا أن الله يوم القيامة يشفع المؤمنين بعضهم في بعض ، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810822إن في أمتي رجلا ليدخلن الله بشفاعته الجنة أكثر من بني تميم  " ، وكنا نحدث أن 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810823الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  عن 
أبي المليح ،  عن 
عوف بن مالك ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810824إن شفاعتي لمن مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا  " ، و "من" في قوله ( إلا من ) في موضع نصب على الاستثناء ، ولا يكون خفضا بضمير اللام ، ولكن قد يكون نصبا في الكلام في غير هذا الموضع ، وذلك كقول القائل : أردت المرور اليوم إلا العدو ، فإني لا أمر به ، فيستثنى العدو من المعنى ، وليس ذلك كذلك في قوله ( 
لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا  ) لأن معنى الكلام : لا يملك هؤلاء الكفار إلا من آمن بالله ، فالمؤمنون ليسوا من أعداد الكافرين ، ومن نصبه على أن معناه إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا ، فإنه ينبغي أن يجعل قوله لا يملكون الشفاعة للمتقين ، فيكون معنى الكلام حينئذ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ، لا يملكون الشفاعة ، إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ، فيكون معناه عند ذلك ، إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا . فأما إذا جعل لا يملكون الشفاعة خبرا عن المجرمين ، فإن "من" تكون حينئذ نصبا على أنه استثناء منقطع ، فيكون معنى الكلام : لا يملكون الشفاعة ، لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يملكه .