صفحة جزء
[ ص: 257 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ( 88 ) لقد جئتم شيئا إدا ( 89 ) تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ( 90 ) )

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء الكافرون بالله ( اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا ) يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه : لقد جئتم أيها الناس شيئا عظيما من القول منكرا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( شيئا إدا ) يقول : قولا عظيما .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لقد جئتم شيئا إدا ) يقول : لقد جئتم شيئا عظيما وهو المنكر من القول .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( شيئا إدا ) قال : عظيما .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( شيئا إدا ) قال : عظيما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله ( لقد جئتم شيئا إدا ) قال : جئتم شيئا كبيرا من الأمر حين دعوا للرحمن ولدا . وفي الإد لغات ثلاث ، يقال : لقد جئت شيئا إدا ، بكسر الألف ، وأدا بفتح الألف ، وآدا بفتح الألف ومدها ، على مثال ماد فاعل . وقرأ قراء الأمصار ، وبها نقرأ ، [ ص: 258 ] وقد ذكر عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ ذلك بفتح الألف ، ولا أرى قراءته كذلك لخلافها قراءة قراء الأمصار ، والعرب تقول لكل أمر عظيم : إد ، وإمر ، ونكر; ومنه قول الراجز :


قد لقي الأعداء مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا



ومنه قول الآخر :


في لهث منه وحثل إدا



وقوله ( تكاد السماوات يتفطرن منه ) يقول تعالى ذكره :

تكاد السماوات يتشققن قطعا من قيلهم ( اتخذ الرحمن ولدا ) ومنه قيل : فطرنا به : إذا انشق .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ) قال : إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال ، وجميع الخلائق إلا الثقلين ، وكادت أن تزول منه لعظمة الله ، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك ، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله ، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة" قالوا : يا رسول الله ، فمن قالها في صحته؟ قال : تلك أوجب وأوجب" . ثم قال : "والذي نفسي بيده لو [ ص: 259 ] جيء بالسماوات والأرضين وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ، فوضعن في كفة الميزان ، ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى ، لرجحت بهن " .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ) ذكر لنا أن كعبا كان يقول : غضبت الملائكة ، واستعرت جهنم ، حين قالوا ما قالوا .

وقوله : ( وتنشق الأرض ) يقول : وتكاد الأرض تنشق ، فتنصدع من ذلك ( وتخر الجبال هدا ) يقول : وتكاد الجبال يسقط بعضها على بعض سقوطا . والهد : السقوط ، وهو مصدر هددت ، فأنا أهد هدا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( وتخر الجبال هدا ) يقول : هدما .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ( وتخر الجبال هدا ) قال : الهد : الانقضاض .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وتخر الجبال هدا ) قال : غضبا لله . قال : ولقد دعا هؤلاء الذين جعلوا لله هذا الذي غضبت السماوات والأرض والجبال من قولهم ، لقد استتابهم ودعاهم إلى التوبة ، فقال : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قالوا : هو وصاحبته وابنه ، جعلوهما إلهين معه ( وما من إله إلا إله واحد ) . . . . إلى قوله : ( ويستغفرونه والله غفور رحيم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية