صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( اشدد به أزري ( 31 ) وأشركه في أمري ( 32 ) كي نسبحك كثيرا ( 33 ) ونذكرك كثيرا ( 34 ) إنك كنت بنا بصيرا ( 35 ) ) [ ص: 301 ] يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى أنه سأل ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون . وإنما يعني بقوله ( اشدد به أزري ) قو ظهري ، وأعني به ، يقال منه : قد أزر فلان فلانا : إذا أعانه وشد ظهره .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( اشدد به أزري ) يقول : اشدد به ظهري .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( اشدد به أزري ) يقول : اشدد به أمري ، وقوني به ، فإن لي به قوة .

وقوله ( وأشركه في أمري ) يقول : واجعله نبيا مثل ما جعلتني نبيا ، وأرسله معي إلى فرعون

( كي نسبحك كثيرا ) يقول : كي نعظمك بالتسبيح لك كثيرا ( ونذكرك كثيرا ) فنحمدك ( إنك كنت بنا بصيرا ) يقول : إنك كنت ذا بصر بنا لا يخفى عليك من أفعالنا شيء .

وذكر عن عبد الله بن أبي إسحاق أنه كان يقرأ : ( أشدد به أزري ) بفتح الألف من " أشدد " ( وأشركه في أمري ) بضم الألف من أشركه ، بمعنى الخبر من موسى عن نفسه ، أنه يفعل ذلك ، لا على وجه الدعاء ، وإذا قرئ ذلك كذلك جزم " أشدد " و " أشرك " على الجزاء ، أو جواب الدعاء ، وذلك قراءة لا أرى القراءة بها ، وإن كان لها وجه مفهوم ، لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها .

التالي السابق


الخدمات العلمية