القول في 
تأويل قوله تعالى : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى  ( 44 ) 
قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى  ( 45 ) ) 
يقول تعالى ذكره 
لموسى  وهارون   : فقولا 
لفرعون  قولا لينا ، ذكر أن القول اللين الذي أمرهما الله أن يقولاه له هو أن يكنياه . 
حدثني 
جعفر ابن ابنة إسحاق بن يوسف الأزرق  قال : ثنا 
سعيد بن محمد الثقفي  قال : ثنا 
علي بن صالح  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : ( 
فقولا له قولا لينا  ) قال : كنياه  . 
وقوله ( 
لعله يتذكر أو يخشى  ) اختلف في معنى قوله ( لعله ) في هذا الموضع ، فقال بعضهم معناها هاهنا الاستفهام ، كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى : فقولا له قولا لينا ، فانظرا هل يتذكر ويراجع أو يخشى الله فيرتدع عن طغيانه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي  قال : ثنا 
عبد الله  قال : ثنا 
معاوية  عن 
علي  عن 
ابن عباس  قوله ( 
لعله يتذكر أو يخشى  ) يقول : هل يتذكر أو يخشى . 
وقال آخرون : معنى لعل هاهنا كي . ووجهوا معنى الكلام إلى  
[ ص: 314 ]  ( 
اذهبا إلى فرعون إنه طغى  ) فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى ، كما يقول القائل : اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك ، بمعنى : لتأخذ أجرك ، وافرغ من عملك لعلنا نتغدى ، بمعنى : لنتغدى ، أو حتى نتغدى ، ولكلا هذين القولين وجه حسن ، ومذهب صحيح . 
وقوله ( 
قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا  ) يقول تعالى ذكره : قال 
موسى  وهارون   : ربنا إننا نخاف 
فرعون  إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه ، أن يعجل علينا بالعقوبة ، وهو من قولهم : فرط مني إلى فلان أمر ، إذا سبق منه ذلك إليه ، ومنه : فارط القوم ، وهو المتعجل المتقدم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز : 
قد فرط العلج علينا وعجل 
وأما الإفراط : فهو الإسراف والإشطاط والتعدي ، يقال منه : أفرطت في قولك : إذا أسرف فيه وتعدى . 
وأما التفريط : فإنه التواني ، يقال منه : فرطت في هذا الأمر حتى فات : إذا توانى فيه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  ، وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد   ( 
أن يفرط علينا  ) قال : عقوبة منه  . 
حدثنا 
القاسم  قال : ثنا 
الحسين  قال : ثني 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
مجاهد  مثله . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله ( 
إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى  ) قال : نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك ، يفرط ويعجل . وقرأ ( 
لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى  ) .