القول في 
تأويل قوله تعالى : ( خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا  ( 101 ) 
يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا  ( 102 ) 
يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا  ( 103 ) ) 
يقول تعالى ذكره : خالدين في وزرهم ، فأخرج الخبر جل ثناؤه عن هؤلاء المعرضين عن ذكره في الدنيا أنهم خالدون في أوزارهم ، والمعنى أنهم خالدون في النار بأوزارهم ، ولكن لما كان معلوما المراد من الكلام اكتفي بما ذكر عما لم يذكر . 
وقوله ( 
وساء لهم يوم القيامة حملا  ) يقول تعالى ذكره : وساء ذلك الحمل والثقل من الإثم يوم القيامة حملا وحق لهم أن يسوءهم ذلك ، وقد أوردهم مهلكة لا منجى منها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  
[ ص: 369 ] ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي  قال : ثنا 
عبد الله  قال : ثني 
معاوية  عن 
علي  ، عن 
ابن عباس  قوله ( 
وساء لهم يوم القيامة حملا  ) يقول : بئسما حملوا  . 
حدثني 
محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله ( 
وساء لهم يوم القيامة حملا  ) يعني بذلك ذنوبهم  . 
وقوله ( 
يوم ينفخ في الصور  ) يقول تعالى ذكره : وساء لهم يوم القيامة ، يوم ينفخ في الصور ، فقوله ( 
يوم ينفخ في الصور  ) ردا على يوم القيامة ، وقد بينا معنى النفخ في الصور ، وذكرنا اختلاف المختلفين في معنى الصور ، والصحيح في ذلك من القول عندي بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع قبل . 
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار ( 
يوم ينفخ في الصور  ) بالياء وضمها على ما لم يسم فاعله ، بمعنى يوم يأمر الله 
إسرافيل  فينفخ في الصور . وكان 
أبو عمرو بن العلاء  يقرأ ذلك ( يوم ننفخ في الصور ) بالنون بمعنى : يوم ننفخ نحن في الصور ، كأن الذي دعاه إلى قراءة ذلك كذلك طلبه التوفيق بينه وبين قوله ( 
ونحشر المجرمين  ) إذ كان لا خلاف بين القراء في نحشر أنها بالنون . 
قال 
أبو جعفر   : والذي أختار في ذلك من القراءة يوم ينفخ بالياء على وجه ما لم يسم فاعله ، لأن ذلك هو القراءة التي عليها قراء الأمصار وإن كان للذي قرأ 
أبو عمرو  وجه غير فاسد . 
وقوله ( 
ونحشر المجرمين يومئذ زرقا  ) يقول تعالى ذكره : ونسوق أهل الكفر بالله يومئذ إلى موقف القيامة زرقا ، فقيل : عنى بالزرق في هذا الموضع : ما يظهر في أعينهم من شدة العطش الذي يكون بهم عند الحشر لرأي العين من الزرق ، وقيل : أريد بذلك أنهم يحشرون عميا ، كالذي قال الله ( 
ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا  ) . 
وقوله ( 
يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا  ) يقول تعالى ذكره : يتهامسون بينهم ، ويسر بعضهم إلى بعض : إن لبثتم في الدنيا ، يعني أنهم يقول بعضهم لبعض : ما لبثتم في الدنيا إلا عشرا .  
[ ص: 370 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي  قال : ثنا 
أبو صالح  قال : ثني 
معاوية  عن 
علي  عن 
ابن عباس  قوله : ( 
يتخافتون بينهم  ) يقول : يتسارون بينهم  . 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  عن 
قتادة  قوله ( 
يتخافتون بينهم  ) : أي يتسارون بينهم  ( 
إن لبثتم إلا عشرا  ) .