صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( 5 ) )

يقول تعالى ذكره : ما صدقوا بحكمة هذا القرآن ، ولا أنه من عند الله ، ولا أقروا بأنه وحي أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، بل قال بعضهم : [ ص: 412 ] هو أهاويل رؤيا رآها في النوم ، وقال بعضهم : هو فرية واختلاق افتراه واختلقه من قبل نفسه ، وقال بعضهم : بل محمد شاعر ، وهذا الذي جاءكم به شعر ( فليأتنا ) به يقول : قالوا فليجئنا محمد إن كان صادقا في قوله ، إن الله بعثه رسولا إلينا وإن هذا الذي يتلوه علينا وحي من الله أوحاه إلينا ، ( بآية ) يقول : بحجة ودلالة على حقيقة ما يقول ويدعي ( كما أرسل الأولون ) يقول : كما جاءت به الرسل الأولون من قبله من إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص وكناقة صالح ، وما أشبه ذلك من المعجزات التي لا يقدر عليها إلا الله ولا يأتي بها إلا الأنبياء والرسل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( أضغاث أحلام ) أي فعل حالم ، إنما هي رؤيا رآها ( بل افتراه بل هو شاعر ) كل هذا قد كان منهم . وقوله ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) يقول : كما جاء عيسى بالبينات وموسى بالبينات ، والرسل .

حدثني علي قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( أضغاث أحلام ) قال : مشتبهة .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( أضغاث أحلام ) قال أهاويلها .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

وقال تعالى ذكره : بل قالوا : ولا جحد في الكلام ظاهر فيحقق ببل ، لأن الخبر عن أهل الجحود والتكذيب ، فاجتزي بمعرفة السامعين بما دل عليه قوله ، بل من ذكر الخبر عنهم على ما قد بينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية