القول في 
تأويل قوله تعالى : ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين  ( 8 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وما جعلنا الرسل الذين أرسلناهم من قبلك يا 
محمد  إلى الأمم الماضية قبل أمتك ، ( 
جسدا لا يأكلون الطعام  ) يقول : لم نجعلهم ملائكة لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم أجسادا مثلك يأكلون الطعام . 
كما حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  عن 
قتادة  قوله ( 
وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام  ) يقول : ما جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا الطعام  . 
حدثت عن 
الحسين  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : أخبرنا 
عبيد  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام  ) يقول : لم أجعلهم جسدا ليس فيهم أرواح لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم جسدا فيها أرواح يأكلون الطعام . 
قال 
أبو جعفر   : وقال : ( 
وما جعلناهم جسدا  ) فوحد الجسد وجعله موحدا ، وهو من صفة الجماعة ، وإنما جاز ذلك لأن الجسد بمعنى المصدر ، كما يقال في الكلام : وما جعلناهم خلقا لا يأكلون .  
[ ص: 415 ] وقوله ( 
وما كانوا خالدين  ) يقول : ولا كانوا أربابا لا يموتون ولا يفنون ، ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا ، وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قد أخبر الله عنهم ( 
لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا  ) إلى قوله ( 
أو تأتي بالله والملائكة قبيلا  ) قال الله تبارك وتعالى لهم : ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم فنفعل بكم ، وإنما كنا نرسل إليهم رجالا نوحي إليهم كما أرسلنا إليكم رسولا نوحي إليه أمرنا ونهينا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  عن 
قتادة  قوله ( 
وما كانوا خالدين  ) أي لا بد لهم من الموت أن يموتوا  .