1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة البقرة
  4. القول في تأويل قوله تعالى "ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ( 103 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا ) ، لو أن الذين يتعلمون من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه ، "آمنوا" فصدقوا الله ورسوله وما جاءهم به من عند ربهم ، و"اتقوا" ربهم فخافوه فخافوا عقابه ، فأطاعوه بأداء فرائضه وتجنبوا معاصيه - لكان جزاء الله إياهم ، وثوابه لهم على إيمانهم به وتقواهم إياه ، خيرا لهم من السحر وما اكتسبوا به ، "لو كانوا يعلمون" أن ثواب الله إياهم على ذلك [ ص: 458 ] خير لهم من السحر ومما اكتسبوا به . وإنما نفى بقوله : ( لو كانوا يعلمون ) العلم عنهم : أن يكونوا عالمين بمبلغ ثواب الله ، وقدر جزائه على طاعته .

و"المثوبة" في كلام العرب ، مصدر من قول القائل : أثبتك إثابة وثوابا ومثوبة" ، فأصل ذلك من : "ثاب إليك الشيء" بمعنى : رجع . ثم يقال : "أثبته إليك " أي ، رجعته إليك ورددته ، فكان معنى "إثابة الرجل الرجل على الهدية وغيرها" : إرجاعه إليه منها بدلا ورده عليه منها عوضا ، ثم جعل كل معوض غيره من عمله أو هديته أو يد له سلفت منه إليه : مثيبا له . ومنه "ثواب" الله عز وجل عباده على أعمالهم ، بمعنى إعطائه إياهم العوض والجزاء عليه ، حتى يرجع إليهم بدل من عملهم الذي عملوا له .

وقد زعم بعض نحويي البصرة أن قوله : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير ) مما اكتفي - بدلالة الكلام على معناه - عن ذكر جوابه ، وأن معناه : ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا ، ولكنه استغنى - بدلالة الخبر عن المثوبة - عن قوله : لأثيبوا .

وكان بعض نحويي أهل البصرة ينكر ذلك ، ويرى أن جواب قوله : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا ) ، ( لمثوبة ) ، وأن "لو" إنما أجيبت "بالمثوبة" ، وإن كانت أخبر عنها بالماضي من الفعل لتقارب معناه من معنى "لإن" في أنهما جزاءان ، فإنهما جوابان للإيمان ، فأدخل جواب كل واحدة منهما على صاحبتها - فأجيبت "لو" بجواب "لإن" ، و"لإن" بجواب "لو" ، لذلك ، وإن اختلفت أجوبتهما ، فكانت "لو" من حكمها وحظها أن تجاب بالماضي من الفعل ، وكانت "لإن" من حكمها وحظها أن تجاب بالمستقبل من الفعل - لما وصفنا من تقاربهما؛ فكان يتأول معنى قوله : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا ) : ولإن آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير . [ ص: 459 ]

وبما قلنا في تأويل "المثوبة" قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

1717 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( لمثوبة من عند الله ) ، يقول : ثواب من عند الله .

1718 - حدثني يونس قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله ) ، أما "المثوبة" فهو الثواب .

1719 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير ) ، يقول : لثواب من عند الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية