صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ( 34 ) )

يقول تعالى ذكره : ( ولكل أمة ) ولكل جماعة سلف فيكم من أهل الإيمان بالله أيها الناس ، جعلنا ذبحا يهريقون دمه ( ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من [ ص: 628 ] بهيمة الأنعام ) بذلك لأن من البهائم ما ليس من الأنعام ، كالخيل والبغال والحمير . وقيل : إنما قيل للبهائم بهائم لأنها لا تتكلم .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( جعلنا منسكا ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال . حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ) قال : إهراق الدماء ( ليذكروا اسم الله عليها ) .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال . ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

وقوله : ( فإلهكم إله واحد ) يقول تعالى ذكره : فاجتنبوا الرجس من الأوثان ، واجتنبوا قول الزور ، فإلهكم إله واحد لا شريك له ، فإياه فاعبدوا وله أخلصوا الألوهة . وقوله : ( فله أسلموا ) يقول : فلإلهكم فاخضعوا بالطاعة ، وله فذلوا بالإقرار بالعبودية . وقوله : ( وبشر المخبتين ) يقول تعالى ذكره : وبشر يا محمد الخاضعين لله بالطاعة ، المذعنين له بالعبودية ، المنيبين إليه بالتوبة . وقد بينا معنى الإخبات بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا .

وقد اختلف أهل التأويل في المراد به في هذا الموضع ، فقال بعضهم : أريد به : وبشر المطمئنين إلى الله .

ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وبشر المخبتين ) قال : المطمئنين .

حدثني أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( وبشر المخبتين ) المطمئنين إلى الله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى . وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وبشر المخبتين ) قال : المطمئنين .

حدثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وبشر المخبتين ) قال : المتواضعين . [ ص: 629 ] وقال آخرون في ذلك بما : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا محمد بن مسلم ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن عمرو بن أوس ، قال : المخبتون : الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا .

حدثني محمد بن عثمان الواسطي ، قال : ثنا حفص بن عمر ، قال : ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، قال : ثني عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن عمرو بن أوس مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية