صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ( 53 ) )

يقول تعالى ذكره : فينسخ الله ما يلقي الشيطان ، ثم يحكم الله آياته ، كي يجعل ما يلقي الشيطان في أمنية نبيه من الباطل ، كقول النبي صلى الله عليه [ ص: 669 ] وسلم : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى فتنة ، يقول : اختبارا يختبر به الذين في قلوبهم مرض من النفاق ، وذلك الشك في صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقيقة ما يخبرهم به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين ، فألقى الشيطان في أمنيته ، فقال : إن الآلهة التي تدعى أن شفاعتها لترتجى وإنها للغرانيق العلى . فنسخ الله ذلك ، وأحكم الله آياته : ( أفرأيتم اللات والعزى ) حتى بلغ ( من سلطان ) قال قتادة : لما ألقى الشيطان ما ألقى ، قال المشركون : قد ذكر الله آلهتهم بخير ، ففرحوا بذلك ، فذكر قوله : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض ) .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، بنحوه .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض ) يقول : وللذين قست قلوبهم عن الإيمان بالله ، فلا تلين ولا ترعوي ، وهم المشركون بالله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : ( والقاسية قلوبهم ) قال : المشركون .

وقوله : ( وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) يقول تعالى ذكره : وإن مشركي قومك يا محمد لفي خلاف الله في أمره بعيد من الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية