القول في تأويل قوله تعالى : ( 
وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا  ( 5 ) 
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما  ( 6 ) ) 
ذكر أن هذه الآية نزلت في 
النضر بن الحارث  ، وأنه المعني بقوله : ( 
وقالوا أساطير الأولين  ) . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
أبو كريب  ، قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير  ، قال : ثنا 
محمد بن إسحاق  ، قال : ثنا شيخ من 
أهل مصر   ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  ، قال : كان 
النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي  من شياطين 
قريش  ، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينصب له العداوة ، وكان قد قدم 
الحيرة  ، تعلم بها أحاديث ملوك 
فارس ،  وأحاديث 
رستم  وأسفنديار  ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا ، فذكر بالله وحدث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم ، من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ، ثم يقول : أنا والله يا معشر 
قريش  أحسن حديثا منه . فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك 
فارس  ورستم  وأسفنديار  ، ثم يقول : ما 
محمد  أحسن حديثا مني ، قال : فأنزل الله تبارك وتعالى في 
النضر  ثماني آيات من القرآن ، قوله : ( 
إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين  ) وكل ما ذكر فيه الأساطير في القرآن  .  
[ ص: 239 ] حدثنا 
ابن حميد  ، قال : ثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق ،  قال : ثني 
محمد بن أبي محمد ،  عن 
سعيد  أو 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  نحوه ، إلا أنه جعل قوله : " فأنزل الله في 
النضر  ثماني آيات " ، عن 
ابن إسحاق ،  عن 
الكلبي  ، عن 
أبي صالح  ، عن 
ابن عباس   . 
حدثنا 
القاسم  ، قال : ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   ( أساطير الأولين ) أشعارهم وكهانتهم ، وقالها 
النضر بن الحارث   . 
فتأويل الكلام : وقال هؤلاء المشركون بالله ، الذين قالوا لهذا القرآن ( 
إن هذا إلا إفك افتراه  ) 
محمد صلى الله عليه وسلم   : هذا الذي جاءنا به 
محمد  أساطير الأولين ، يعنون أحاديثهم التي كانوا يسطرونها في كتبهم ، اكتتبها 
محمد صلى الله عليه وسلم  من 
يهود ،   ( 
فهي تملى عليه  ) يعنون بقوله : ( 
فهي تملى عليه  ) فهذه الأساطير تقرأ عليه ، من قولهم : أمليت عليك الكتاب وأمللت ( بكرة وأصيلا ) يقول : وتملى عليه غدوة وعشيا . 
وقوله : ( 
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض  ) يقول تعالى ذكره : قل يا 
محمد  لهؤلاء المكذبين بآيات الله من مشركي قومك : ما الأمر كما تقولون من أن هذا القرآن أساطير الأولين ، وأن 
محمدا صلى الله عليه وسلم  افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ، بل هو الحق ، أنزله الرب الذي يعلم سر من في السماوات ومن في الأرض ، ولا يخفى عليه شيء ، ومحصي ذلك على خلقه ، ومجازيهم بما عزمت عليه قلوبهم ، وأضمروه في نفوسهم ( 
إنه كان غفورا رحيما  ) يقول : إنه لم يزل يصفح عن خلقه ويرحمهم ، فيتفضل عليهم بعفوه ، يقول : فلأن ذلك من عادته في خلقه ، يمهلكم أيها القائلون ما قلتم من الإفك ، والفاعلون ما فعلتم من الكفر . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
القاسم  ، قال : ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   ( 
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض  ) قال : ما يسر أهل الأرض وأهل السماء  .