[ ص: 264 ] القول في تأويل 
قوله تعالى : ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا  ( 30 ) 
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا  ( 31 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وقال الرسول يوم يعض الظالم على يديه : يا رب إن قومي الذين بعثتني إليهم لأدعوهم إلى توحيدك اتخذوا هذا القرآن مهجورا . 
واختلف أهل التأويل في معنى اتخاذهم القرآن مهجورا ، فقال بعضهم : كان اتخاذهم ذلك هجرا ، قولهم فيه السييء من القول ، وزعمهم أنه سحر ، وأنه شعر . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  ، قال : ثنا 
أبو عاصم  ، قال : ثنا 
عيسى   ; وحدثني 
الحارث  ، قال : ثنا 
الحسن  ، قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  قوله : ( 
اتخذوا هذا القرآن مهجورا  ) قال : يهجرون فيه بالقول ، يقولون : هو سحر  . 
حدثنا 
القاسم  ، قال : ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
مجاهد  ، قوله : ( 
وقال الرسول  ) . . الآية : يهجرون فيه بالقول . قال 
مجاهد   : وقوله : ( 
مستكبرين به سامرا تهجرون  ) قال : مستكبرين بالبلد سامرا مجالس تهجرون ، قال : بالقول السييء في القرآن غير الحق  . 
حدثني 
الحارث  ، قال : ثنا 
الحسن  ، قال ، ثنا 
هشيم ،  عن 
مغيرة  ، عن 
إبراهيم  ، في قول الله : ( 
إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا  ) قال : قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هذي قال غير الحق  . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : الخبر عن المشركين أنهم هجروا القرآن وأعرضوا عنه ولم يسمعوا له . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
يونس  ، قال : أخبرنا 
ابن وهب  ، قال : قال 
ابن زيد  ، في قول الله : ( 
وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا  ) لا يريدون أن يسمعوه ، وإن دعوا إلى الله قالوا لا . وقرأ ( 
وهم ينهون عنه وينأون عنه  ) قال : ينهون عنه ، ويبعدون عنه  . 
قال 
أبو جعفر   : وهذا القول أولى بتأويل ذلك ، وذلك أن الله أخبر عنهم أنهم قالوا :  
[ ص: 265 ]  ( 
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه  ) ، وذلك هجرهم إياه . 
وقوله : ( 
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين  ) يقول تعالى ذكره لنبيه 
محمد صلى الله عليه وسلم   : وكما جعلنا لك يا 
محمد  أعداء من مشركي قومك ، كذلك جعلنا لكل من نبأناه من قبلك عدوا من مشركي قومه ، فلم تخصص بذلك من بينهم . يقول : فاصبر لما نالك منهم كما صبر من قبلك أولو العزم من رسلنا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
القاسم  ، قال : ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج  ، قال : قال 
ابن عباس   : ( 
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين  ) قال : يوطن 
محمدا صلى الله عليه وسلم  أنه جاعل له عدوا من المجرمين كما جعل لمن قبله  . 
وقوله : ( 
وكفى بربك هاديا ونصيرا  ) يقول تعالى ذكره لنبيه : وكفاك يا 
محمد  بربك هاديا يهديك إلى الحق ، ويبصرك الرشد ، ونصيرا : يقول : ناصرا لك على أعدائك ، يقول : فلا يهولنك أعداؤك من المشركين ، فإني ناصرك عليهم ، فاصبر لأمري ، وامض لتبليغ رسالتي إليهم .