صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ( 33 ) الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ( 34 ) )

يقول تعالى ذكره : ولا يأتيك يا محمد هؤلاء المشركون بمثل يضربونه إلا جئناك [ ص: 267 ] من الحق ، بما نبطل به ما جاءوا به ، وأحسن منه تفسيرا .

كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق ) قال : الكتاب بما ترد به ما جاءوا به من الأمثال التي جاءوا بها وأحسن تفسيرا .

وعنى بقوله ( وأحسن تفسيرا ) وأحسن مما جاءوا به من المثل بيانا وتفصيلا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن ابن عباس قوله : ( وأحسن تفسيرا ) يقول : أحسن تفصيلا .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( وأحسن تفسيرا ) قال : بيانا .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وأحسن تفسيرا ) يقول : تفصيلا .

وقوله : ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا ) يقول تعالى ذكره لنبيه : هؤلاء المشركون يا محمد ، القائلون لك ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) ومن كان على مثل الذي هم عليه من الكفر بالله ، الذين يحشرون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم ، فيساقون إلى جهنم شر مستقرا في الدنيا والآخرة من أهل الجنة في الجنة ، وأضل منهم في الدنيا طريقا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ) قال : الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ( أولئك شر مكانا ) من أهل الجنة ( وأضل سبيلا ) قال : طريقا .

حدثني محمد بن يحيى الأزدي ، قال : ثنا الحسين بن محمد ، قال : ثنا شيبان ، عن قتادة ، قوله : ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ) قال : حدثنا أنس بن [ ص: 268 ] مالك أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال : الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه " .

حدثنا أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو ، قال : ثنا خلاد بن يحيى الكوفي ، قال : ثنا سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال : أخبرني من سمع أنس بن مالك يقول : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف يحشرهم على وجوههم؟ قال : " الذي يحشرهم على أرجلهم قادر بأن يحشرهم على وجوههم " .

حدثنا عبيد بن محمد الوراق ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي داود ، عن أنس بن مالك ، قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف يحشر أهل النار على وجوههم؟ فقال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم " .

حدثني أحمد بن المقدام قال : ثنا حزم ، قال : سمعت الحسن يقول : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ) فقالوا : يا نبي الله ، كيف يمشون على وجوههم؟ قال : أرأيت الذي أمشاهم على أقدامهم أليس قادرا أن يمشيهم على وجوههم " .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا منصور بن زاذان ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي خالد ، عن أبي هريرة ، قال : " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف على الدواب ، وصنف على أقدامهم ، وصنف على وجوههم ، فقيل : كيف يمشون على وجوههم؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم ، قادر أن يمشيهم على وجوههم .

التالي السابق


الخدمات العلمية