صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ( 45 ) ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ( 46 ) )

[ ص: 275 ] يقول تعالى ذكره : ( ألم تر ) يا محمد ( كيف مد ) ربك ( الظل ) وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) يقول : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) قال : مده ما بين صلاة الصبح إلى طلوع الشمس .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ) قال : الظل : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .

حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا أبو محصن ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) قال : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( كيف مد الظل ) قال : ظل الغداة قبل أن تطلع الشمس .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : الظل : ظل الغداة .

قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) قال : مده من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) يعني : من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس .

قوله : ( ولو شاء لجعله ساكنا ) يقول : ولو شاء لجعله دائما لا يزول ، ممدودا [ ص: 276 ] لا تذهبه الشمس ، ولا تنقصه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولو شاء لجعله ساكنا ) يقول : دائما .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال ، ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ولو شاء لجعله ساكنا ) قال : لا تصيبه الشمس ولا يزول .

حدثنا القاسم . قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( ولو شاء لجعله ساكنا ) قال : لا يزول .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولو شاء لجعله ساكنا ) قال : دائما لا يزول .

وقوله : ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) يقول جل ثناؤه : ثم دللناكم أيها الناس بنسخ الشمس إياه عند طلوعها عليه ، أنه خلق من خلق ربكم ، يوجده إذا شاء ، ويفنيه إذا أراد ; والهاء في قوله : " عليه " من ذكر الظل . ومعناه : ثم جعلنا الشمس على الظل دليلا . قيل : معنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس التي تنسخه لم يعلم أنه شيء ، إذا كانت الأشياء إنما تعرف بأضدادها ، نظير الحلو الذي إنما يعرف بالحامض والبارد بالحار ، وما أشبه ذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) يقول : طلوع الشمس .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) قال : تحويه .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن [ ص: 277 ] مجاهد ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) قال : أخرجت ذلك الظل فذهبت به وقوله : ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) يقول تعالى ذكره : ثم قبضنا ذلك الدليل من الشمس على الظل إلينا قبضا خفيا سريعا بالفيء الذي نأتي به بالعشي .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) قال : حوى الشمس الظل . وقيل : إن الهاء التي في قوله : ( ثم قبضناه إلينا ) عائدة على الظل ، وإن معنى الكلام : ثم قبضنا الظل إلينا بعد غروب الشمس ، وذلك أن الشمس إذا غربت غاب الظل الممدود ، قالوا : وذلك وقت قبضه .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( يسيرا ) فقال بعضهم : معناه : سريعا .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) يقول : سريعا .

وقال آخرون : بل معناه : قبضا خفيا .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن مجاهد ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) قال : خفيا .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ( قبضا يسيرا ) قال : خفيا ، قال : إن ما بين الشمس والظل مثل الخيط ، واليسير الفعيل من اليسر ، وهو السهل الهين في كلام العرب . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك ، يتوجه لما روي عن ابن عباس ومجاهد ; لأن سهولة قبض ذلك قد تكون بسرعة وخفاء . وقيل : إنما قيل ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) لأن الظل بعد غروب الشمس لا يذهب [ ص: 278 ] كله دفعة ، ولا يقبل الظلام كله جملة ، وإنما يقبض ذلك الظل قبضا خفيا ، شيئا بعد شيء ويعقب كل جزء منه يقبضه جزء من الظلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية