القول في 
تأويل قوله تعالى : ( واجعلني من ورثة جنة النعيم  ( 85 ) 
واغفر لأبي إنه كان من الضالين  ( 86 ) 
ولا تخزني يوم يبعثون  ( 87 ) 
يوم لا ينفع مال ولا بنون  ( 88 ) 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ( 89 ) ) 
يعني 
إبراهيم  صلوات الله عليه بقوله : ( 
واجعلني من ورثة جنة النعيم  ) أورثني يا رب من منازل من هلك من أعدائك المشركين بك من الجنة ، وأسكني ذلك . ( 
واغفر لأبي  ) يقول : واصفح لأبي عن شركه بك ، ولا تعاقبه عليه ( 
إنه كان من الضالين  ) يقول : إنه كان ممن ضل عن سبيل الهدى ، فكفر بك . 
وقد بينا المعنى الذي من أجله استغفر 
إبراهيم  لأبيه صلوات الله عليه ، واختلاف أهل العلم في ذلك ، والصواب عندنا من القول فيه فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
وقوله : ( 
ولا تخزني يوم يبعثون  ) يقول : ولا تذلني بعقابك إياي يوم تبعث عبادك من قبورهم لموقف القيامة . ( 
يوم لا ينفع مال ولا بنون  ) يقول : لا تخزني يوم لا ينفع من كفر بك وعصاك في الدنيا مال كان له في الدنيا ، ولا بنوه الذين كانوا له فيها ، فيدفع ذلك عنه عقاب الله إذا عاقبه ، ولا ينجيه منه . 
وقوله : ( 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ) يقول : ولا تخزني يوم يبعثون ، يوم لا ينفع  
[ ص: 366 ] إلا القلب السليم . 
والذي عني به من سلامة القلب في هذا الموضع : هو سلامة القلب من الشك في توحيد الله ، والبعث بعد الممات . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
يعقوب بن إبراهيم  ، قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  ، عن 
عون  ، قال : قلت 
لمحمد   : ما القلب السليم ؟ قال : أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور . 
حدثنا 
ابن بشار  ، قال : ثنا 
أبو عاصم  ، قال : ثنا 
سفيان  ، عن ليث ، عن 
مجاهد   : ( 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ) قال : لا شك فيه . 
حدثنا 
القاسم  ، قال : ثنا 
الحسين  ، قال : ثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
مجاهد  ، قوله : ( 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ) قال : ليس فيه شك في الحق . 
حدثنا 
الحسن  ، قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  ، قال : أخبرنا 
معمر  ، عن 
قتادة  ، في قوله : ( 
بقلب سليم  ) قال : سليم من الشرك . 
حدثني 
يونس  ، قال : أخبرنا 
ابن وهب  ، قال : قال 
ابن زيد   : ( 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ) قال : سليم من الشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد . 
حدثني 
عمرو بن عبد الحميد الآملي  ، قال : ثنا 
مروان بن معاوية  ، عن 
جويبر  ، عن 
الضحاك  ، في قول الله : ( 
إلا من أتى الله بقلب سليم  ) قال : هو الخالص .