صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( ولله المشرق والمغرب ) ، لله ملكهما وتدبيرهما ، كما يقال : "لفلان هذه الدار" ، يعني بها : أنها له ، ملكا . فذلك قوله : ( ولله المشرق والمغرب ) ، يعني أنهما له ، ملكا وخلقا .

و"المشرق" هو موضع شروق الشمس ، وهو موضع طلوعها ، كما يقال لموضع طلوعها منه : "مطلع" بكسر اللام ، وكما بينا في معنى"المساجد" آنفا .

فإن قال قائل : أوما كان لله إلا مشرق واحد ومغرب واحد ، حتى قيل : ( ولله المشرق والمغرب ) ؟ قيل : إن معنى ذلك غير الذي ذهبت إليه ، وإنما معنى ذلك : ولله المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم ، والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم . فتأويله إذ كان ذلك معناه : ولله ما بين قطري المشرق ، وما بين قطري المغرب ، إذ كان شروق الشمس كل يوم من موضع منه لا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده ، وكذلك غروبها كل يوم .

فإن قال : أوليس وإن كان تأويل ذلك ما ذكرت ، فلله كل ما دونه؟ الخلق خلقه! [ ص: 527 ] قيل : بلى!

فإن قال : فكيف خص المشارق والمغارب بالخبر عنها أنها له في هذا الموضع ، دون سائر الأشياء غيرها؟

قيل : قد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله خص الله ذكر ذلك بما خصه به في هذا الموضع . ونحن مبينو الذي هو أولى بتأويل الآية بعد ذكرنا أقوالهم في ذلك . فقال بعضهم : خص الله - جل ثناؤه - ذلك بالخبر ، من أجل أن اليهود كانت توجه في صلاتها وجوهها قبل بيت المقدس ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مدة ، ثم حولوا إلى الكعبة ، فاستنكرت اليهود ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فقال الله تبارك وتعالى لهم : المشارق والمغارب كلها لي ، أصرف وجوه عبادي كيف أشاء منها ، فحيثما تولوا فثم وجه الله .

ذكر من قال ذلك :

1833 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس قال ، كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، وكان أكثر أهلها اليهود ، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود . فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام ، فكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) [ سورة البقرة : 144 ] إلى قوله : ( فولوا وجوهكم شطره ) [ سورة البقرة : 144 - 150 ] ، فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) [ سورة البقرة : 142 ] ، فأنزل الله عز وجل : ( قل لله المشرق والمغرب ) ، وقال : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) . [ ص: 528 ]

1834 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي نحوه .

وقال آخرون : بل أنزل الله هذه الآية قبل أن يفرض على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين به التوجه شطر المسجد الحرام . وإنما أنزلها عليه معلما نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب ، لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية ، إلا كان - جل ثناؤه - في ذلك الوجه وتلك الناحية ، لأن له المشارق والمغارب ، وأنه لا يخلو منه مكان ، كما قال جل وعز : ( ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) [ سورة المجادلة : 7 ] قالوا : ثم نسخ ذلك بالفرض الذي [ ص: 529 ] فرض عليهم في التوجه شطر المسجد الحرام .

ذكر من قال ذلك :

1835 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد عن قتادة : قوله جل وعز : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك ، فقال الله : ( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ) [ سورة البقرة : 149 - 150 ]

1836 - حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، قال : هي القبلة ، ثم نسختها القبلة إلى المسجد الحرام .

1837 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا همام قال : حدثنا يحيى قال ، سمعت قتادة في قول الله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، قال : كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة ، وبعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام . فنسخها الله في آية أخرى : ( فلنولينك قبلة ترضاها ) إلى ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) [ سورة البقرة : 144 ] ، قال : فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة .

1838 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال ، سمعته - يعني زيدا - يقول : قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله لو أنا استقبلناه! فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا ، فبلغه أن يهود تقول : والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ! فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ورفع وجهه إلى السماء ، فقال الله عز وجل : [ ص: 530 ] ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) الآية [ سورة البقرة : 144 ] .

وقال آخرون : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ، إذنا من الله - عز وجل - له أن يصلي التطوع حيث توجه وجهه من شرق أو غرب ، في مسيره في سفره ، وفي حال المسايفة ، وفي شدة الخوف ، والتقاء الزحوف في الفرائض . وأعلمه أنه حيث وجه وجهه فهو هنالك ، بقوله : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

ذكر من قال ذلك :

1839 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا عبد الملك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، ويتأول هذه الآية : ( أينما تولوا فثم وجه الله ) .

1840 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن فضيل ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه قال : "إنما نزلت هذه الآية : ( أينما تولوا فثم وجه الله ) أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في السفر تطوعا ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة " . [ ص: 531 ]

وقال آخرون بل نزلت هذه الآية في قوم عميت عليهم القبلة فلم يعرفوا شطرها ، فصلوا على أنحاء مختلفة ، فقال الله عز وجل لهم : لي المشارق والمغارب ، فأنى وليتم وجوهكم فهنالك وجهي ، وهو قبلتكم - معلمهم بذلك أن صلاتهم ماضية .

ذكر من قال ذلك :

1841 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا أبو الربيع السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال : "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة ، فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه ، فلما أصبحنا ، إذا نحن قد صلينا على غير القبلة ، فقلنا : يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة ، فأنزل الله عز وجل : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) . [ ص: 532 ]

1842 - حدثني المثنى قال : حدثني الحجاج قال : حدثنا حماد قال ، قلت للنخعي : إني كنت استيقظت - أو قال أيقظت ، شك الطبري - فكان في السماء سحاب ، فصليت لغير القبلة . قال : مضت صلاتك ، يقول الله عز وجل : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

1843 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أشعث السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال ، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة في سفر ، فلم ندر أين القبلة فصلينا ، فصلى كل واحد منا على حياله ، ثم أصبحنا فذكرنا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في سبب النجاشي ، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنازعوا في أمره ، من أجل أنه مات قبل أن يصلي إلى القبلة ، فقال الله عز وجل : المشارق والمغارب كلها لي ، فمن وجه وجهه نحو شيء منها يريدني به ويبتغي به طاعتي ، وجدني هنالك ، يعني بذلك أن النجاشي وإن لم يكن صلى إلى القبلة ، فإنه قد كان يوجه إلى بعض وجوه المشارق والمغارب وجهه ، يبتغي بذلك رضا الله عز وجل في صلاته .

ذكر من قال ذلك :

1844 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا هشام بن معاذ قال : حدثني أبي ، عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه . قالوا : نصلي على رجل ليس بمسلم ! قال فنزلت ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله ) [ سورة [ ص: 533 ] آل عمران : 199 ] ، قال : قتادة ، فقالوا : إنه كان لا يصلي إلى القبلة ، فأنزل الله عز وجل : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك : أن الله تعالى ذكره إنما خص الخبر عن المشرق والمغرب في هذه الآية بأنهما له ملكا ، وإن كان لا شيء إلا وهو له ملك - إعلاما منه عباده المؤمنين أن له ملكهما وملك ما بينهما من الخلق ، وأن على جميعهم إذ كان له ملكهم طاعته فيما أمرهم ونهاهم ، وفيما فرض عليهم من الفرائض ، والتوجه نحو الوجه الذي وجهوا إليه ، إذ كان من حكم المماليك طاعة مالكهم؛ فأخرج الخبر عن المشرق والمغرب ، والمراد به من بينهما من الخلق ، على النحو الذي قد بينت من الاكتفاء بالخبر عن سبب الشيء من ذكره والخبر عنه ، كما قيل : ( وأشربوا في قلوبهم العجل ) ، وما أشبه ذلك .

ومعنى الآية إذا : ولله ملك الخلق الذي بين المشرق والمغرب يتعبدهم بما شاء ، ويحكم فيهم ما يريد ، عليهم طاعته ، فولوا وجوهكم - أيها المؤمنون - نحو وجهي ، فإنكم أينما تولوا وجوهكم فهنالك وجهي .

فأما القول في هذه الآية : ناسخة أم منسوخة ، أم لا هي ناسخة ولا منسوخة؟ فالصواب فيه من القول أن يقال : إنها جاءت مجيء العموم ، والمراد الخاص ، وذلك أن قوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، محتمل : أينما تولوا - في حال سيركم في أسفاركم ، في صلاتكم التطوع ، وفي حال مسايفتكم عدوكم ، في تطوعكم ومكتوبتكم ، فثم وجه الله ، كما قال ابن عمر والنخعي ، ومن قال ذلك ممن ذكرنا عنه آنفا . [ ص: 534 ]

ومحتمل : فأينما تولوا - من أرض الله فتكونوا بها - فثم قبلة الله التي توجهون وجوهكم إليها؛ لأن الكعبة ممكن لكم التوجه إليها منها . كما قال : -

1845 - أبو كريب قال حدثنا وكيع ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، والنضر بن عربي ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، قال : قبلة الله ، فأينما كنت من شرق أو غرب فاستقبلها .

1846 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال ، أخبرني إبراهيم ، عن ابن أبي بكر ، عن مجاهد قال ، حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها قال ، الكعبة .

ومحتمل : فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم ، كما : -

1847 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، قال مجاهد : لما نزلت : ( ادعوني أستجب لكم ) [ سورة غافر : 60 ] ، قالوا : إلى أين؟ فنزلت : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

فإذ كان قوله عز وجل : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، محتملا ما ذكرنا من الأوجه ، لم يكن لأحد أن يزعم أنها ناسخة أو منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها .

؛ لأن الناسخ لا يكون إلا بمنسوخ ، ولم تقم حجة يجب التسليم لها بأن قوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، معني به : فأينما توجهوا وجوهكم في صلاتكم فثم قبلتكم ، ولا أنها نزلت بعد صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحو بيت المقدس ، أمرا من الله عز وجل لهم بها أن يتوجهوا نحو الكعبة ، فيجوز أن يقال : هي ناسخة الصلاة نحو بيت المقدس ، إذ كان من أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة التابعين ، من ينكر أن تكون نزلت في ذلك المعنى ، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بأنها نزلت فيه ، وكان الاختلاف في أمرها موجودا على ما وصفت . [ ص: 535 ]

ولا هي - إذ لم تكن ناسخة لما وصفنا - قامت حجتها بأنها منسوخة ، إذ كانت محتملة ما وصفنا : بأن تكون جاءت بعموم ، ومعناها : في حال دون حال - إن كان عني بها التوجه في الصلاة ، وفي كل حال إن كان عني بها الدعاء ، وغير ذلك من المعاني التي ذكرنا .

وقد دللنا في كتابنا : "كتاب البيان عن أصول الأحكام" ، على أن لا ناسخ من آي القرآن وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما نفى حكما ثابتا ، وألزم العباد فرضه ، غير محتمل بظاهره وباطنه غير ذلك . فأما إذا ما احتمل غير ذلك من أن يكون بمعنى الاستثناء أو الخصوص والعموم ، أو المجمل ، أو المفسر ، فمن الناسخ والمنسوخ بمعزل ، بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع ، ولا منسوخ إلا المنفي الذي كان قد ثبت حكمه وفرضه .

ولم يصح واحد من هذين المعنيين لقوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، بحجة يجب التسليم لها ، فيقال فيه : هو ناسخ أو منسوخ .

وأما قوله : ( فأينما ) ، فإن معناه : حيثما .

وأما قوله : ( تولوا ) فإن الذي هو أولى بتأويله أن يكون : تولون نحوه وإليه ، كما يقول القائل : "وليته وجهي ووليته إليه" ، بمعنى : قابلته وواجهته . وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية ، لإجماع الحجة على أن ذلك تأويله ، وشذوذ من تأوله بمعنى : تولون عنه فتستدبرونه ، فالذي تتوجهون إليه وجه الله ، بمعنى قبلة الله .

وأما قوله : ( فثم ) فإنه بمعنى : هنالك . [ ص: 536 ]

واختلف في تأويل قوله : ( فثم وجه الله ) فقال بعضهم : تأويل ذلك : فثم قبلة الله ، يعني بذلك وجهه الذي وجههم إليه .

ذكر من قال ذلك :

1848 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن النضر بن عربي ، عن مجاهد : ( فثم وجه الله ) قال : قبلة الله .

1849 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، أخبرني إبراهيم ، عن مجاهد قال ، حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها .

وقال آخرون : معنى قول الله عز وجل : ( فثم وجه الله ) ، فثم الله تبارك وتعالى .

وقال آخرون : معنى قوله : ( فثم وجه الله ) ، فثم تدركون بالتوجه إليه رضا الله الذي له الوجه الكريم .

وقال آخرون : عنى ب "الوجه" ذا الوجه . وقال قائلو هذه المقالة : وجه الله صفة له .

فإن قال قائل : وما هذه الآية من التي قبلها؟

قيل : هي لها مواصلة ، وإنما معنى ذلك : ومن أظلم من النصارى الذين منعوا عباد الله مساجده أن يذكر فيها اسمه ، وسعوا في خرابها ، ولله المشرق والمغرب ، فأينما توجهوا وجوهكم فاذكروه ، فإن وجهه هنالك ، يسعكم فضله وأرضه وبلاده ، ويعلم ما تعملون ، ولا يمنعكم تخريب من خرب مسجد بيت المقدس ، ومنعهم من منعوا من ذكر الله فيه - أن تذكروا الله حيث كنتم من أرض الله ، تبتغون به وجهه .

التالي السابق


الخدمات العلمية