1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النمل
  4. القول في تأويل قوله تعالى " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ( 23 ) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ( 24 ) )

يقول تعالى مخبرا عن قيل الهدهد لسليمان مخبرا بعذره في مغيبه عنه : ( إني وجدت امرأة تملكهم ) يعني تملك سبأ ، وإنما صار هذا الخبر للهدهد عذرا وحجة عند سليمان ، درأ به عنه ما كان أوعد به ; لأن سليمان كان لا يرى أن في الأرض أحدا له مملكة معه ، وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلا حبب إليه الجهاد والغزو ، فلما دله الهدهد على ملك بموضع من الأرض هو لغيره ، وقوم كفرة يعبدون غير الله ، له في جهادهم وغزوهم الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الآجل ، وضم مملكة لغيره إلى ملكه ، حقت للهدهد المعذرة ، وصحت له الحجة في مغيبه عن سليمان .

وقوله : ( وأوتيت من كل شيء ) يقول : وأوتيت من كل شيء يؤتاه الملك في عاجل الدنيا مما يكون عندهم من العتاد والآلة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 447 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي عبيدة الباجي ، عن الحسن ، قوله : ( وأوتيت من كل شيء ) يعني : من كل أمر الدنيا .

وقوله ( ولها عرش عظيم ) يقول : ولها كرسي عظيم . وعني بالعظيم في هذا الموضع : العظيم في قدره ، وعظم خطره ، لا عظمه في الكبر والسعة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولها عرش عظيم ) قال : سرير كريم ، قال : حسن الصنعة ، وعرشها : سرير من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ .

قال : ثني حجاج ، عن أبي عبيدة الباجي ، عن الحسن قوله : ( ولها عرش عظيم ) يعني سرير عظيم .

وقوله : ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ) يقول : وجدت هذه المرأة ملكة سبأ ، وقومها من سبأ ، يسجدون للشمس فيعبدونها من دون الله . وقوله : ( وزين لهم الشيطان أعمالهم ) يقول : وحسن لهم إبليس عبادتهم الشمس ، وسجودهم لها من دون الله ، وحبب ذلك إليهم ( فصدهم عن السبيل ) يقول : فمنعهم بتزيينه ذلك لهم أن يتبعوا الطريق المستقيم ، وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه ، ومعناه : فصدهم عن سبيل الحق ( فهم لا يهتدون ) يقول : فهم لما قد زين لهم الشيطان ما زين من السجود للشمس من دون الله والكفر به لا يهتدون لسبيل الحق ولا يسلكونه ، ولكنهم في ضلالهم الذي هم فيه يترددون .

التالي السابق


الخدمات العلمية