1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة القصص
  4. القول في تأويل قوله تعالى " فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون ( 48 ) )

يقول تعالى ذكره : فلما جاء هؤلاء الذين لم يأتهم من قبلك يا محمد نذير فبعثناك إليهم نذيرا ( الحق من عندنا ) ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة من الله إليهم ، قالوا تمردا على الله ، وتماديا في الغي : هلا أوتي هذا الذي أرسل إلينا ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى بن عمران من الكتاب ؟ يقول الله تبارك وتعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لقومك من قريش ، القائلين لك ( لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) أولم يكفر الذين علموا هذه الحجة من اليهود بما أوتي موسى من قبلك . [ ص: 588 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : يهود تأمر قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى ، يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل لقريش يقولوا لهم : أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) قال : اليهود تأمر قريشا ، ثم ذكر نحوه " قالوا ساحران تظاهرا " .

واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة : " وقالوا ساحران تظاهرا " بمعنى : أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ، وقالوا له ولمحمد صلى الله عليه وسلم في قول بعض المفسرين ، وفي قول بعضهم لموسى وهارون عليهما السلام ، وفي قول بعضهم : لعيسى ومحمد ساحران تعاونا . وقرأ عامة قراء الكوفة : ( قالوا سحران تظاهرا ) بمعنى : وقالوا للتوراة والفرقان في قول بعض أهل التأويل ، وفي قول بعضهم للإنجيل والفرقان .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القراء في قراءته .

ذكر من قال : عني بالساحرين اللذين تظاهرا محمد وموسى صلى الله عليهما :

حدثنا سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني ، قال : ثنا بقية بن الوليد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي حمزة قال : سمعت مسلم بن يسار ، يحدث عن ابن عباس ، في قول الله " ساحران تظاهرا " قال : موسى ومحمد .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال . ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي حمزة ، قال : سمعت مسلم بن يسار ، قال : سألت ابن عباس ، عن هذه الآية " ساحران تظاهرا " قال : موسى ومحمد .

حدثنا ابن المثنى ، قال . ثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن أبي حمزة ، عن مسلم بن يسار ، أن ابن عباس ، قرأ " ساحران " قال موسى ومحمد عليهما السلام .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، عن كيسان أبي حمزة ، عن مسلم [ ص: 589 ] بن يسار ، عن ابن عباس ، مثله .

ومن قال : موسى وهارون عليهما السلام :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " ساحران تظاهرا " قال يهود : لموسى وهارون .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( قالوا سحران تظاهرا ) قول يهود لموسى وهارون عليهما السلام .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير وأبي رزين أن أحدهما قرأ : " ساحران تظاهرا " ، والآخر : " سحران " . قال : الذي قرأ " سحران " قال : التوراة والإنجيل . وقال : الذي قرأ : " ساحران " قال : موسى وهارون .

وقال آخرون : عنوا بالساحرين عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين . قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن الحسن ، قوله : " ساحران تظاهرا " قال عيسى ومحمد ، أو قال موسى صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال : عنوا بذلك التوراة والفرقان ، ووجه تأويله إلى قراءة من قرأ " سحران تظاهرا " :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال ثنى معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " سحران تظاهرا " يقول : التوراة والقرآن .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( قالوا سحران تظاهرا ) يعني : التوراة والفرقان .

حدثني يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( قالوا سحران تظاهرا ) قال : كتاب موسى ، وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال : عنوا به التوراة والإنجيل :

حدثنا ابن وكيع ، قال ثنا ابن علية ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، قال : كنت إلى جنب ابن عباس وهو يتعوذ بين الركن والمقام ، فقلت كيف تقرأ " سحران " ، [ ص: 590 ] أو " ساحران " ؟ فلم يرد علي شيئا ، فقال عكرمة : ساحران ، وظننت أنه لو كره ذلك أنكره علي . قال حميد فلقيت عكرمة بعد ذلك فذكرت ذلك له ، وقلت كيف كان يقرؤها ؟ قال : كان يقرأ " سحران تظاهرا " أي : التوراة والإنجيل .

ذكر من قال : عنوا به الفرقان والإنجيل :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد ، عن الضحاك ، أنه قرأ ( سحران تظاهرا ) يعنون الإنجيل والفرقان .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( قالوا سحران تظاهرا ) قالت ذلك أعداء الله اليهود للإنجيل والفرقان ، فمن قال " ساحران " فيقول : محمد ، وعيسى ابن مريم .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب ، قراءة من قرأه ( قالوا سحران تظاهرا ) بمعنى : كتاب موسى وهو التوراة ، وكتاب عيسى وهو الإنجيل .

وإنما قلنا : ذلك أولى القراءتين بالصواب ، لأن الكلام من قبله جرى بذكر الكتاب ، وهو قوله : ( قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) والذي يليه من بعده ذكر الكتاب ، وهو قوله : ( فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ) فالذي بينهما بأن يكون من ذكره أولى وأشبه بأن يكون من ذكر غيره . وإذ كان ذلك هو الأولى بالقراءة ، فمعلوم أن معنى الكلام : قل يا محمد ، أولم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى من قبل ؟ وقالوا لما أوتي موسى من الكتاب وما أوتيته أنت : سحران تعاونا ؟

وقوله : ( وقالوا إنا بكل كافرون ) يقول تعالى ذكره : وقالت اليهود : إنا بكل كتاب في الأرض من توراة وإنجيل ، وزبور وفرقان كافرون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل ، وخالفه فيه مخالفون .

ذكر من قال مثل الذي قلنا في ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( إنا بكل كافرون ) قالوا : نكفر أيضا بما أوتي محمد . [ ص: 591 ]

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( وقالوا إنا بكل كافرون ) قال اليهود أيضا : نكفر بما أوتي محمد أيضا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وقالوا إنا بكل الكتابين الفرقان والإنجيل كافرون .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد ، عن الضحاك ( وقالوا إنا بكل كافرون ) يقول : بالإنجيل والقرآن .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وقالوا إنا بكل كافرون ) يعنون الإنجيل والفرقان .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( وقالوا إنا بكل كافرون ) قال : هم أهل الكتاب ، يقول : بالكتابين : التوراة والفرقان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وقالوا إنا بكل كافرون ) الذي جاء به موسى ، والذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية