1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة العنكبوت
  4. القول في تأويل قوله تعالى " الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون "
صفحة جزء
[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : ( الم ( 1 ) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) )

قال أبو جعفر : وقد بينا معنى قول الله - تعالى ذكره - : ( الم ) وذكرنا أقوال أهل التأويل في تأويله ، والذي هو أولى بالصواب من أقوالهم عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وأما قوله : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) فإن معناه : أظن الذين خرجوا يا محمد من أصحابك من أذى المشركين إياهم أن نتركهم بغير اختبار ولا ابتلاء امتحان ، بأن قالوا : آمنا بك يا محمد فصدقناك فيما جئتنا به من عند الله ، كلا لنختبرنهم ؛ ليتبين الصادق منهم من الكاذب .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( آمنا وهم لا يفتنون ) قال : يبتلون في أنفسهم وأموالهم .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وهم لا يفتنون ) أي : لا يبتلون .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ، في قوله : ( وهم لا يفتنون ) قال : لا يبتلون .

فإن الأولى منصوبة ب " حسب " ، والثانية منصوبة في قول بعض أهل العربية بتعلق [ ص: 8 ] " يتركوا " بها وأن معنى الكلام على قوله : ( أحسب الناس أن يتركوا ) لأن يقولوا آمنا ، فلما حذفت اللام الخافضة من " لأن " نصبت على ما ذكرت . وأما على قول غيره فهي في موضع خفض بإضمار الخافض ، ولا تكاد العرب تقول تركت فلانا أن يذهب ، فتدخل أن في الكلام ، وإنما تقول تركته يذهب ، وإنما أدخلت أن هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله : ( أن يتركوا ) إذ كان معناه : أحسب الناس أن يتركوا وهم لا يفتنون من أجل أن يقولوا آمنا ، فكان قوله : ( أن يتركوا ) مكتفية بوقوعها على الناس دون أخبارهم . وإن جعلت " أن " في قوله : ( أن يقولوا ) منصوبة بنية تكرير أحسب كان جائزا ، فيكون معنى الكلام : أحسب الناس أن يتركوا أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية