1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة العنكبوت
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ( 3 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ولقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم - ممن أرسلنا إليهم رسلنا ، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد - بأعدائهم ، وتمكيننا إياهم من أذاهم ، كموسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل ، فابتليناهم بفرعون وملئه . وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل ، فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه ، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك ( فليعلمن الله الذين صدقوا ) منهم في قيلهم آمنا ( وليعلمن الكاذبين ) منهم في قيلهم ذلك ، والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار ، وفي حال الاختبار ، وبعد الاختبار ، ولكن معنى ذلك : وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قيله : آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوه ، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه ، على نحو ما قد بيناه فيما مضى قبل .

وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين عذبهم المشركون ، ففتن بعضهم ، وصبر بعضهم على أذاهم حتى أتاهم الله بفرج من عنده .

ذكر الرواية بذلك :

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج قال : سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول : نزلت - يعني - هذه الآية ( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا ) [ ص: 9 ] إلى قوله : ( وليعلمن الكاذبين ) في عمار بن ياسر ، إذ كان يعذب في الله .

وقال آخرون : بل نزل ذلك من أجل قوم كانوا قد أظهروا الإسلام بمكة ، وتخلفوا عن الهجرة ، والفتنة التي فتن بها هؤلاء القوم - على مقالة هؤلاء - هي الهجرة التي امتحنوا بها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن مطر ، عن الشعبي قال : إنها نزلت ، يعني ( الم أحسب الناس أن يتركوا ) الآيتين ، في أناس كانوا بمكة أقروا بالإسلام ، فكتب إليهم أصحاب محمد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة : إنه لا يقبل منكم إقرارا بالإسلام حتى تهاجروا ، فخرجوا عامدين إلى المدينة ، فاتبعهم المشركون ، فردوهم ، فنزلت فيهم هذه الآية ، فكتبوا إليهم : إنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا ، فقالوا : نخرج ، فإن اتبعنا أحد قاتلناه ، قال : فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم ثم ، فمنهم من قتل ، ومنهم من نجا ، فأنزل الله فيهم ( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( ولقد فتنا ) قال : ابتلينا .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ( ولقد فتنا الذين من قبلهم ) قال : ابتلينا الذين من قبلهم .

حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد مثله .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ولقد فتنا الذين من قبلهم أي : ابتلينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية