القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا  ( 45 ) 
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا  ( 46 ) 
وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا  ( 47 ) 
ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا  ( 48 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - : يا 
محمد   ( إنا أرسلناك شاهدا ) على أمتك بإبلاغك إياهم ما أرسلناك به من الرسالة ، ومبشرهم بالجنة إن صدقوك وعملوا بما جئتهم به من عند ربك ، ( ونذيرا ) من النار أن يدخلوها ، فيعذبوا بها إن هم كذبوك ، وخالفوا ما جئتهم به من عند الله . 
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا  ) على أمتك بالبلاغ ( ومبشرا ) بالجنة ( ونذيرا ) بالنار . 
وقوله : ( وداعيا إلى الله ) يقول : وداعيا إلى توحيد الله ، وإفراد الألوهة له ، وإخلاص الطاعة لوجهه دون كل من سواه من الآلهة والأوثان . 
كما حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( وداعيا إلى الله ) إلى شهادة أن لا إله إلا الله .  
[ ص: 282 ] وقوله ( بإذنه ) يقول : بأمره إياك بذلك ( وسراجا منيرا ) يقول : وضياء لخلقه يستضيء بالنور الذي أتيتهم به من عند الله عباده ( منيرا ) يقول : ضياء ينير لمن استضاء بضوئه ، وعمل بما أمره ، وإنما يعني بذلك : أنه يهدي به من اتبعه من أمته . وقوله ( 
وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا  ) يقول - تعالى ذكره - : وبشر أهل الإيمان بالله يا 
محمد  بأن لهم من الله فضلا كبيرا : يقول : بأن لهم من ثواب الله على طاعتهم إياه تضعيفا كثيرا ، وذلك هو الفضل الكبير من الله لهم ، وقوله ( 
ولا تطع الكافرين والمنافقين  ) يقول : ولا تطع لقول كافر ولا منافق ؛ فتسمع منه دعاءه إياك إلى التقصير في تبليغ رسالات الله إلى من أرسلك بها إليه من خلقه ( ودع أذاهم ) يقول : وأعرض عن أذاهم لك ، واصبر عليه ، ولا يمنعك ذلك عن القيام بأمر الله في عباده ، والنفوذ لما كلفك . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى ،  وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  قوله ( ودع أذاهم ) قال : أعرض عنهم . 
حدثني 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( ودع أذاهم ) أي : اصبر على أذاهم . 
وقوله ( وتوكل على الله ) يقول : وفوض إلى الله أمورك ، وثق به ؛ فإنه كافيك جميع من دونه ، حتى يأتيك بأمره وقضائه ( وكفى بالله وكيلا ) يقول : وحسبك بالله قيما بأمورك ، وحافظا لك وكالئا .