1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة فاطر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها "
صفحة جزء
[ ص: 461 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( 27 ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ( 28 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ألم تر يا محمد أن الله أنزل من السماء غيثا فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها : يقول : فسقيناه أشجارا في الأرض فأخرجنا به من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها ; منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر ، وغير ذلك من ألوانها ( ومن الجبال جدد بيض وحمر ) يقول - تعالى ذكره - : ومن الجبال طرائق ، وهي الجدد ، وهي الخطط تكون في الجبال بيض وحمر وسود ، كالطرق واحدتها جدة ، ومنه قول امرئ القيس في صفة حمار :


كأن سراته وجدة متنه كنائن يجري فوقهن دليص



يعني بالجدة : الخطة السوداء تكون في متن الحمار .

وقوله ( مختلف ألوانها ) يعني : مختلف ألوان الجدد ( وغرابيب سود ) وذلك من المقدم الذي هو بمعنى التأخير ، وذلك أن العرب تقول : هو أسود غربيب ، إذا وصفوه بشدة السواد ، وجعل السواد هاهنا صفة للغرابيب .

[ ص: 462 ] وقوله ( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ) كما من الثمرات والجبال مختلف ألوانه بالحمرة والبياض والسواد والصفرة ، وغير ذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ) أحمر وأخضر وأصفر ( ومن الجبال جدد بيض ) أي : طرائق بيض ( وحمر مختلف ألوانها ) أي : جبال حمر وبيض ( وغرابيب سود ) هو الأسود يعني لونه كما اختلف ألوان هذه اختلف ألوان الناس والدواب والأنعام كذلك .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( ومن الجبال جدد بيض ) طرائق بيض وحمر وسود ، وكذلك الناس مختلف ألوانهم .

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي قال : ثنا مروان ، عن جويبر عن الضحاك قوله ( ومن الجبال جدد بيض ) قال : هي طرائق حمر وسود .

وقوله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) يقول - تعالى ذكره - : إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته العلماء ، بقدرته على ما يشاء من شيء ، وأنه يفعل ما يريد ، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته ; فخافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .

[ ص: 463 ] حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : كان يقال : كفى بالرهبة علما .

وقوله ( إن الله عزيز غفور ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله عزيز في انتقامه ممن كفر به غفور لذنوب من آمن به وأطاعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية