صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وتركنا عليه في الآخرين ( 78 ) سلام على نوح في العالمين ( 79 ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( 80 ) إنه من عبادنا المؤمنين ( 81 ) ثم أغرقنا الآخرين ( 82 ) )

يعني - تعالى ذكره - بقوله ( وتركنا عليه في الآخرين ) وأبقينا عليه ، يعني على نوح ذكرا جميلا وثناء حسنا في الآخرين ، يعني : فيمن تأخر بعده من الناس يذكرونه به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

[ ص: 60 ] ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( وتركنا عليه في الآخرين ) يقول : يذكر بخير .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( وتركنا عليه في الآخرين ) يقول : جعلنا لسان صدق للأنبياء كلهم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وتركنا عليه في الآخرين ) قال : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين .

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أسباط ، عن السدي قوله ( وتركنا عليه في الآخرين ) قال : الثناء الحسن .

وقوله ( سلام على نوح في العالمين ) يقول : أمنة من الله لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء ، وسلام مرفوع بعلى . وقد كان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول : معناه : وتركنا عليه في الآخرين ، ( سلام على نوح ) أي تركنا عليه هذه الكلمة ، كما تقول : قرأت من القرآن ( الحمد لله رب العالمين ) فتكون الجملة في معنى نصب ، وترفعها باللام ، كذلك سلام على نوح ترفعه بعلى ، وهو في تأويل نصب . قال : ولو كان : تركنا عليه سلاما كان صوابا . وقوله ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) يقول - تعالى ذكره - : إنا كما فعلنا بنوح - مجازاة له على طاعتنا وصبره على أذى قومه في رضانا ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين وأبقينا عليه ثناء في الآخرين - ( كذلك نجزي ) الذين يحسنون فيطيعوننا ، وينتهون إلى أمرنا ، ويصبرون على الأذى فينا . وقوله ( إنه من عبادنا المؤمنين ) يقول : إن نوحا من عبادنا الذين آمنوا بنا ، فوحدونا ، وأخلصوا لنا العبادة ، وأفردونا بالألوهة .

وقوله ( ثم أغرقنا الآخرين ) [ ص: 61 ] يقول - تعالى ذكره - : ثم أغرقنا حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ثم أغرقنا الآخرين ) قال : أنجاه الله ومن معه في السفينة ، وأغرق بقية قومه .

التالي السابق


الخدمات العلمية