صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ( 147 ) فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( 148 ) فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ( 149 ) )

يقول - تعالى ذكره - : فأرسلنا يونس إلى مائة ألف من الناس ، أو يزيدون على مائة ألف . وذكر عن ابن عباس أنه كان يقول : معنى قوله ( أو ) : بل يزيدون .

ذكر الرواية بذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن الحكم بن عبد الله بن الأزور ، عن ابن عباس ، في قوله ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) قال : بل يزيدون ، كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله ( مائة ألف أو يزيدون ) قال : يزيدون سبعين ألفا ، وقد كان العذاب أرسل عليهم ، فلما فرقوا بين النساء وأولادها ، والبهائم وأولادها ، وعجوا إلى الله ، كشف عنهم العذاب ، وأمطرت السماء دما .

حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة قال : سمعت زهيرا ، عمن سمع أبا العالية قال : ثني أبي بن كعب ، أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) [ ص: 116 ] قال : يزيدون : عشرون ألفا .

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول في ذلك : معناه إلى مائة ألف أو كانوا يزيدون عندكم ، يقول : كذلك كانوا عندكم .

وإنما عنى بقوله ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) أنه أرسله إلى قومه الذين وعدهم العذاب ، فلما أظلهم تابوا ، فكشف الله عنهم . وقيل : إنهم أهل نينوى .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل ، قال : قال الحسن : بعثه الله قبل أن يصيبه ما أصابه ( فآمنوا فمتعناهم إلى حين )

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( إلى مائة ألف أو يزيدون ) قال : قوم يونس الذين أرسل إليهم قبل أن يلتقمه الحوت .

وقيل : إن يونس أرسل إلى أهل نينوى بعد ما نبذه الحوت بالعراء .

ذكر من قال ذلك :

حدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : سمعت أبا هلال محمد بن سليمان قال : ثنا شهر بن حوشب قال : ( أتاه جبرائيل ، يعني يونس ، وقال : انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم أن العذاب قد حضرهم قال : ألتمس دابة قال : الأمر أعجل من ذلك قال : ألتمس حذاء قال : الأمر أعجل من ذلك قال : فغضب فانطلق إلى السفينة فركب ، فلما ركب احتبست السفينة لا تقدم ولا تؤخر قال : فتساهموا قال : فسهم ، فجاء الحوت يبصبص بذنبه ، فنودي الحوت : أيا حوت إنا لم نجعل يونس لك رزقا ، إنما جعلناك له حوزا ومسجدا ، [ ص: 117 ] قال : فالتقمه الحوت ، فانطلق به من ذلك المكان حتى مر به على الأيلة ، ثم انطلق به حتى مر به على دجلة ، ثم انطلق به حتى ألقاه في نينوى ) .

حدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا أبو هلال قال : ثنا شهر بن حوشب ، عن ابن عباس قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت .

وقوله ( فآمنوا ) يقول : فوحدوا الله الذي أرسل إليهم يونس ، وصدقوا بحقيقة ما جاءهم به يونس من عند الله .

وقوله ( فمتعناهم إلى حين ) يقول : فأخرنا عنهم العذاب ، ومتعناهم إلى حين بحياتهم إلى بلوغ آجالهم من الموت .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فمتعناهم إلى حين ) : الموت .

حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( فمتعناهم إلى حين ) قال : الموت .

وقوله ( فاستفتهم ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : سل يا محمد مشركي قومك من قريش .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ) : يعني مشركي قريش .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ) قال : سلهم ، وقرأ : ( ويستفتونك ) قال : يسألونك .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي [ ص: 118 ] ( فاستفتهم ) يقول : يا محمد سلهم .

وقوله ( ألربك البنات ولهم البنون ) : ذكر أن مشركي قريش كانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، وكانوا يعبدونها ، فقال الله لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام : سلهم ، وقل لهم : ألربي البنات ولكم البنون ؟

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، ( ألربك البنات ولهم البنون ) ؟ لأنهم قالوا : يعني مشركي قريش : لله البنات ، ولهم البنون .

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ) قال : كانوا يعبدون الملائكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية