القول في 
تأويل قوله تعالى : ( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب  ( 50 ) 
متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب  ( 51 ) ) 
قوله - تعالى ذكره - : ( جنات عدن ) : بيان عن حسن المآب ، وترجمة عنه ، ومعناه : بساتين إقامة . وقد بينا معنى ذلك بشواهده ، وذكرنا ما فيه من الاختلاف فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .  
[ ص: 221 ] وقد حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( جنات عدن ) قال : سأل 
عمر  كعبا  ما عدن ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، قصور في الجنة من ذهب يسكنها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل  . 
وقوله ( 
مفتحة لهم الأبواب  ) يعني : مفتحة لهم أبوابها ، وأدخلت الألف واللام في الأبواب بدلا من الإضافة ، كما قيل : ( 
فإن الجنة هي المأوى  ) بمعنى : هي مأواه ، وكما قال الشاعر : 
ما ولدتكم حية ابنة مالك سفاحا وما كانت أحاديث كاذب     ولكن نرى أقدامنا في نعالكم 
وآنفنا بين اللحى والحواجب 
بمعنى : بين لحاكم وحواجبكم ، ولو كانت الأبواب جاءت بالنصب لم يكن لحنا ، وكان نصبه على توجيه المفتحة في اللفظ إلى جنات ، وإن كان في المعنى للأبواب ، وكان كقول الشاعر : 
وما قومي بثعلبة بن سعد     ولا بفزارة الشعر الرقابا 
 [ ص: 222 ] ثم نونت مفتحة ، ونصبت الأبواب . 
فإن قال لنا قائل : وما في قوله ( 
مفتحة لهم الأبواب  ) من فائدة خبر حتى ذكر ذلك ؟ قيل : فإن الفائدة في ذلك إخبار الله تعالى عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها إياها ، بمعاناة بيد ولا جارحة ، ولكن بالأمر فيما ذكر . 
كما حدثنا 
أحمد بن الوليد الرملي  قال : ثنا 
ابن نفيل  قال : ثنا 
ابن دعيج  عن 
الحسن  في قوله ( 
مفتحة لهم الأبواب  ) قال : أبواب تكلم ، فتكلم : انفتحي ، انغلقي  . 
وقوله ( 
متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب  ) يقول : متكئين في جنات عدن ، على سرر يدعون فيها بفاكهة ، يعني بثمار من ثمار الجنة كثيرة ، وشراب من شرابها .