القول في تأويل قوله تعالى : ( 
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين  ( 22 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : أفمن فسح الله قلبه لمعرفته ، والإقرار بوحدانيته ، والإذعان لربوبيته ، والخضوع لطاعته ( 
فهو على نور من ربه  ) يقول : فهو على بصيرة مما هو عليه ويقين ، بتنوير الحق في قلبه ، فهو لذلك لأمر الله متبع ، وعما نهاه عنه منته فيما يرضيه ، كمن أقسى الله قلبه ، وأخلاه من ذكره ، وضيقه عن استماع الحق ، واتباع الهدى ، والعمل بالصواب . وترك ذكر الذي أقسى الله قلبه ، وجواب الاستفهام ؛ اجتزاء بمعرفة السامعين المراد من الكلام ، إذ ذكر أحد الصنفين ، وجعل مكان ذكر الصنف الآخر الخبر عنه بقوله : ( 
فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله  ) .  
[ ص: 278 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله : ( 
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه  ) يعني : كتاب الله ، هو المؤمن به يأخذ ، وإليه ينتهي  . 
حدثنا 
محمد  قال : ثنا 
أحمد  قال : ثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  قوله : ( 
أفمن شرح الله صدره للإسلام  ) قال : وسع صدره للإسلام ، والنور الهدى  . 
حدثت عن 
ابن أبي زائدة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
مجاهد   ( 
أفمن شرح الله صدره للإسلام  ) قال : ليس المنشرح صدره مثل القاسي قلبه  . 
قوله : ( 
فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله  ) يقول - تعالى ذكره - : فويل 
للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر الله وأعرضت ، يعني عن القرآن الذي أنزله - تعالى ذكره - مذكرا به عباده ، فلم يؤمن به ، ولم يصدق بما فيه . وقيل : ( من ذكر الله ) والمعنى : عن ذكر الله ، فوضعت " من " مكان " عن " ، كما يقال في الكلام : أتخمت من طعام أكلته ، وعن طعام أكلته بمعنى واحد . 
وقوله : ( 
أولئك في ضلال مبين  ) يقول - تعالى ذكره - : هؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر الله في ضلال مبين ، لمن تأمله وتدبره بفهم أنه في ضلال عن الحق - جائر .