القول في 
تأويل قوله تعالى : ( إنك ميت وإنهم ميتون  ( 30 ) 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ( 31 ) 
فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين  ( 32 ) )  
[ ص: 287 ] يقول - تعالى ذكره - لنبيه 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - : إنك يا 
محمد  ميت عن قليل ، وإن هؤلاء المكذبيك من قومك والمؤمنين منهم ميتون ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) يقول : ثم إن جميعكم المؤمنين والكافرين يوم القيامة عند ربكم تختصمون فيأخذ للمظلوم منكم من الظالم ، ويفصل بين جميعكم بالحق . 
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : عنى به اختصام المؤمنين والكافرين ، واختصام المظلوم والظالم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
علي  قال : ثنا 
أبو صالح  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس  في قوله : ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) يقول : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهتدي الضال ، والضعيف المستكبر  . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) قال : أهل الإسلام وأهل الكفر  . 
حدثني 
ابن البرقي  قال : ثنا 
ابن أبي مريم  قال : ثنا 
ابن الدراوردي  قال : ثني 
محمد بن عمرو  عن 
يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن الزبير  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810955لما نزلت هذه الآية : ( إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) قال الزبير   : يا رسول الله ، أينكر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ فقال النبي : - صلى الله عليه وسلم - " نعم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه  . 
وقال آخرون : بل عني بذلك اختصام أهل الإسلام . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
يعقوب ،  عن 
جعفر  عن 
سعيد ،  عن 
ابن عمر  قال : نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة ،  
[ ص: 288 ] فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  )  . 
حدثني 
يعقوب  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  قال : ثنا 
ابن عون  عن 
إبراهيم  قال : لما نزلت : ( 
إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم  ) . . . الآية قالوا : ما خصومتنا بيننا ونحن إخوان قال : فلما قتل 
 nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان  قالوا : هذه خصومتنا بيننا  . 
حدثت عن 
ابن أبي جعفر  عن أبيه ، عن 
الربيع بن أنس  عن 
أبي العالية  في قوله ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) قال : هم أهل القبلة  . 
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : عني بذلك : إنك يا 
محمد  ستموت ، وإنكم - أيها الناس - ستموتون ، ثم إن جميعكم - أيها الناس - تختصمون عند ربكم ، مؤمنكم وكافركم ، ومحقوكم ومبطلوكم ، وظالموكم ومظلوموكم ، حتى يؤخذ لكل منكم - ممن لصاحبه قبله حق - حقه . 
وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب ؛ لأن الله عم بقوله : ( 
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون  ) خطاب جميع عباده ، فلم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض ، فذلك على عمومه على ما عمه الله به ، وقد تنزل الآية في معنى ، ثم يكون داخلا في حكمها كل ما كان في معنى ما نزلت به . 
وقوله : ( 
فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه  ) يقول - تعالى ذكره - : فمن من خلق الله أعظم فرية ممن كذب على الله ، فادعى أن له ولدا وصاحبة ، أو أنه حرم ما لم يحرمه من المطاعم ( 
وكذب بالصدق إذ جاءه  ) يقول : وكذب بكتاب الله إذ أنزله على 
محمد  ، وابتعثه الله به رسولا وأنكر قول لا إله إلا الله . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  
[ ص: 289 ] ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
وكذب بالصدق إذ جاءه  ) : أي بالقرآن  . 
وقوله : ( 
أليس في جهنم مثوى للكافرين  ) يقول - تبارك وتعالى - : أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله ، وامتنع من تصديق 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - واتباعه على ما يدعوه إليه مما أتاه به من عند الله من التوحيد ، وحكم القرآن ؟