1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الزمر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ( 60 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ( ويوم القيامة ترى ) يا محمد هؤلاء ( الذين كذبوا على الله ) من قومك فزعموا أن له ولدا ، وأن له شريكا ، وعبدوا آلهة من دونه ( وجوههم مسودة ) ، والوجوه وإن كانت مرفوعة بمسودة ، فإن فيها معنى نصب ، لأنها مع خبرها تمام ترى ، ولو تقدم قوله مسودة قبل الوجوه ، كان نصبا ، ولو نصب الوجوه المسودة ناصب في الكلام لا في القرآن ، إذا كانت المسودة مؤخرة كان جائزا ، كما قال الشاعر :


ذريني إن أمرك لن يطاعا وما ألفيتني حلمي مضاعا

[ ص: 319 ]

فنصب الحلم والمضاع على تكرير ألفيتني ، وكذلك تفعل العرب في كل ما احتاج إلى اسم وخبر ، مثل ظن وأخواتها ، وفي " مسودة " للعرب لغتان : مسودة ، ومسوادة ، وهي في أهل الحجاز يقولون فيما ذكر عنهم : قد اسواد وجهه ، واحمار ، واشهاب . وذكر بعض نحويي البصرة عن بعضهم أنه قال : لا يكون افعال إلا في ذي اللون الواحد نحو الأشهب ، قال : ولا يكون في نحو الأحمر ، لأن الأشهب لون يحدث ، والأحمر لا يحدث .

وقوله : ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) يقول : أليس في جهنم مأوى ومسكن لمن تكبر على الله ، فامتنع من توحيده ، والانتهاء إلى طاعته فيما أمره ونهاه عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية