القول في تأويل قوله تعالى : ( 
وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب  ( 30 ) 
مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد  ( 31 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وقال المؤمن من 
آل فرعون  لفرعون  وملئه : يا قوم إني أخاف عليكم بقتلكم 
موسى  إن قتلتموه مثل يوم الأحزاب الذين تحزبوا على رسل الله 
نوح  وهود  وصالح ،  فأهلكهم الله بتجرئهم عليه ، فيهلككم كما أهلكهم . 
وقوله : ( 
مثل دأب قوم نوح  ) يقول : يفعل ذلك بكم فيهلككم مثل سنته في 
قوم نوح  وعاد  وثمود  وفعله بهم . وقد بينا معنى الدأب فيما مضى بشواهده ، المغنية عن إعادته ، مع ذكر أقوال أهل التأويل فيه . 
وقد حدثني 
علي  قال : ثنا 
أبو صالح  قال : ثني 
معاوية  ، عن 
علي  ، عن 
ابن عباس   ( 
مثل دأب قوم نوح  ) يقول : مثل حال .  
[ ص: 379 ] 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  ، في قوله : ( 
مثل دأب قوم نوح  ) قال : مثل ما أصابهم . 
وقوله : ( 
والذين من بعدهم  ) يعني 
قوم إبراهيم  ، 
وقوم لوط ،  وهم أيضا من الأحزاب . 
كما حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة   ( 
والذين من بعدهم  ) قال : هم الأحزاب . 
وقوله : ( 
وما الله يريد ظلما للعباد  ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل المؤمن من 
آل فرعون  لفرعون  وملئه : وما أهلك الله هذه الأحزاب من هذه الأمم ظلما منه لهم بغير جرم اجترموه بينهم وبينه ، لأنه لا يريد ظلم عباده ، ولا يشاؤه ، ولكنه أهلكهم بإجرامهم وكفرهم به ، وخلافهم أمره .