1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة غافر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ( 64 ) هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ( 65 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ( الله ) الذي له الألوهة خالصة أيها الناس ( الذي [ ص: 410 ] جعل لكم الأرض ) التي أنتم على ظهرها سكان ( قرارا ) تستقرون عليها ، وتسكنون فوقها ، ( والسماء بناء ) : بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم ، وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم ( وصوركم فأحسن صوركم ) يقول : وخلقكم فأحسن خلقكم ( ورزقكم من الطيبات ) يقول : ورزقكم من حلال الرزق ، ولذيذات المطاعم والمشارب . وقوله : ( ذلكم الله ربكم ) يقول - تعالى ذكره - : فالذي فعل هذه الأفعال ، وأنعم عليكم أيها الناس هذه النعم ، هو الله الذي لا تنبغي الألوهة إلا له ، وربكم الذي لا تصلح الربوبية لغيره ، لا الذي لا ينفع ولا يضر ، ولا يخلق ولا يرزق ( فتبارك الله رب العالمين ) يقول : فتبارك الله مالك جميع الخلق جنهم وإنسهم ، وسائر أجناس الخلق غيرهم ( هو الحي ) يقول : هو الحي الذي لا يموت ، الدائم الحياة ، وكل شيء سواه فمنقطع الحياة غير دائمها ( لا إله إلا هو ) يقول : لا معبود بحق تجوز عبادته ، وتصلح الألوهة له إلا الله الذي هذه الصفات صفاته ، فادعوه أيها الناس مخلصين له الدين ، مخلصين له الطاعة ، مفردين له الألوهة ، لا تشركوا في عبادته شيئا سواه ، من وثن وصنم ، ولا تجعلوا له ندا ولا عدلا ( الحمد لله رب العالمين ) يقول : الشكر لله الذي هو مالك جميع أجناس الخلق ، من ملك وجن وإنس وغيرهم ، لا للآلهة والأوثان التي لا تملك شيئا ، ولا تقدر على ضر ولا نفع ، بل هو مملوك ، إن ناله نائل بسوء لم يقدر له عن نفسه دفعا .

وكان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال : لا إله إلا الله ، أن يتبع ذلك : ( الحمد لله رب العالمين ) تأولا منهم هذه الآية ، بأنها أمر من الله بقيل ذلك .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي ، قال : أخبرنا الحسين بن واقد قال : ثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : من قال لا إله إلا الله ، فليقل على إثرها : الحمد لله رب العالمين ، فذلك قوله : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . [ ص: 411 ]

حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن سعيد بن جبير قال : " إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فليقل : الحمد لله رب العالمين ، ثم قال : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .

حدثني محمد بن عبد الرحمن قال : ثنا محمد بن بشر قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير أنه كان يستحب إذا قال : لا إله إلا الله ، يتبعها الحمد لله ، ثم قرأ هذه الآية : ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .

حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن سعيد بن جبير قال : إذا قال أحدكم لا إله إلا الله وحده ، فليقل بأثرها : الحمد لله رب العالمين ، ثم قرأ ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية