القول في 
تأويل قوله تعالى : ( وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم  ( 35 ) 
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم  ( 36 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وما يعطى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره ، والأمور الشاقة؛ وقال : ( 
وما يلقاها  ) ولم يقل : وما يلقاه ، لأن معنى الكلام : وما يلقى هذه الفعلة من دفع السيئة بالتي هي أحسن . 
وقوله : ( 
وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم  ) . يقول : وما يلقى هذه إلا ذو نصيب وجد له سابق في المبرات عظيم . 
كما حدثنا 
محمد  قال : ثنا 
أحمد  قال : ثنا 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  ، في قوله : ( 
وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم  ) : ذو جد  . 
وقيل : إن ذلك الحظ الذي أخبر الله - جل ثناؤه - في هذه الآية أنه لهؤلاء القوم هو الجنة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة   ( 
وما يلقاها إلا الذين صبروا  ) . . . الآية . والحظ العظيم : الجنة  . ذكر لنا 
أن أبا بكر  رضي الله عنه شتمه رجل ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - شاهد ، فعفا عنه ساعة ، ثم إن أبا بكر  جاش به الغضب ، فرد عليه ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه أبو بكر  ، فقال يا رسول الله شتمني الرجل ، فعفوت وصفحت وأنت قاعد ، فلما أخذت أنتصر قمت يا نبي الله ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه كان يرد عنك ملك من الملائكة ، فلما قربت تنتصر ذهب الملك وجاء  [ ص: 473 ] الشيطان ، فوالله ما كنت لأجالس الشيطان يا أبا بكر   " . 
حدثني علي ، قال : ثنا 
أبو صالح  قال : ثني 
معاوية  ، عن 
علي  ، عن 
ابن عباس  قوله : ( 
وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم  ) يقول : الذين أعد الله لهم الجنة  . 
وقوله : ( 
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله  ) . . . الآية ، يقول - تعالى ذكره - : وإما يلقين الشيطان يا 
محمد  في نفسك وسوسة من حديث النفس إرادة حملك على مجازاة المسيء بالإساءة ، ودعائك إلى مساءته ، فاستجر بالله واعتصم من خطواته ، إن الله هو السميع لاستعاذتك منه واستجارتك به من نزغاته ، ولغير ذلك من كلامك وكلام غيرك ، العليم بما ألقى في نفسك من نزغاته ، وحدثتك به نفسك ومما يذهب ذلك من قبلك ، وغير ذلك من أمورك وأمور خلقه . 
كما حدثنا 
محمد  قال : ثنا 
أحمد  قال : ثنا 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   ( 
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ  ) قال : وسوسة وحديث النفس ( 
فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم  )  . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد   ( 
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ  ) هذا الغضب  .