القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون  ( 37 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ومن حجج الله تعالى على خلقه ودلالته على وحدانيته ، وعظيم سلطانه ، اختلاف الليل والنهار ، ومعاقبة كل واحد منهما صاحبه ، والشمس والقمر ، لا الشمس تدرك القمر ( 
ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون وآية لهم  )  
[ ص: 474 ] لا تسجدوا أيها الناس للشمس ولا للقمر ، فإنهما وإن جريا في الفلك بمنافعكم ، فإنما يجريان به لكم بإجراء الله إياهما لكم طائعين له في جريهما ومسيرهما ، لا بأنهما يقدران بأنفسهما على سير وجري دون إجراء الله إياهما وتسييرهما ، أو يستطيعان لكم نفعا أو ضرا ، وإنما الله مسخرهما لكم لمنافعكم ومصالحكم ، فله فاسجدوا ، وإياه فاعبدوا دونها ، فإنه إن شاء طمس ضوءهما ، فترككم حيارى في ظلمة لا تهتدون سبيلا ولا تبصرون شيئا . وقيل : ( 
واسجدوا لله الذي خلقهن  ) فجمع بالهاء والنون ، لأن المراد من الكلام : واسجدوا لله الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، وذلك جمع ، وأنث كنايتهن ، وإن كان من شأن العرب إذا جمعوا الذكر إلى الأنثى أن يخرجوا كنايتهما بلفظ كناية المذكر فيقولوا : أخواك وأختاك كلموني ، ولا يقولوا : كلمنني ، لأن من شأنهم أن يؤنثوا أخبار الذكور من غير بني آدم في الجمع ، فيقولوا : رأيت مع عمرو أثوابا فأخذتهن منه . وأعجبني خواتيم لزيد قبضتهن منه . 
وقوله : ( 
إن كنتم إياه تعبدون  ) يقول : إن كنتم تعبدون الله ، وتذلون له بالطاعة؛ وإن من طاعته أن تخلصوا له العبادة ، ولا تشركوا في طاعتكم إياه وعبادتكموه شيئا سواه ، فإن العبادة لا تصلح لغيره ولا تنبغي لشيء سواه .