صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم ( 4 ) تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم ( 5 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ( لله ) ملك ( ما في السماوات وما في الأرض ) من الأشياء كلها ( وهو العلي ) يقول : وهو ذو علو وارتفاع على كل شيء ، والأشياء كلها دونه ، لأنهم في سلطانه ، جارية عليهم قدرته ، ماضية فيهم مشيئته ( العظيم ) الذي له العظمة والكبرياء والجبرية .

وقوله : ( تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ) يقول - تعالى ذكره - : تكاد [ ص: 501 ] السموات يتشققن من فوق الأرضين ، من عظمة الرحمن وجلاله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ) قال : يعني من ثقل الرحمن وعظمته تبارك وتعالى .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ) : أي من عظمة الله وجلاله .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( تكاد السماوات يتفطرن ) قال : يتشققن في قوله : ( منفطر به ) قال : منشق به .

حدثنا عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( يتفطرن من فوقهن ) يقول : يتصدعن من عظمة الله .

حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال : ثنا حسين بن محمد ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس قال : جاء رجل إلى كعب فقال : يا كعب أين ربنا ؟ فقال له الناس : دق الله تعالى ، أفتسأل عن هذا ؟ فقال كعب : دعوه ، فإن يك عالما ازداد ، وإن يك جاهلا تعلم . سألت أين ربنا ، وهو على العرش العظيم متكئ ، واضع إحدى رجليه على الأخرى ، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة ومن الأرض إلى الأرض مسيرة خمس مئة سنة ، وكثافتها خمس مئة سنة ، حتى تم سبع أرضين ، ثم من الأرض إلى السماء مسيرة خمس مئة سنة ، وكثافتها خمس مئة سنة ، والله على العرش متكئ ، ثم تفطر السموات . [ ص: 502 ] ثم قال كعب : اقرءوا إن شئتم ( من فوقهن ) . . . . الآية .

وقوله : ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ) يقول - تعالى ذكره - : والملائكة يصلون بطاعة ربهم وشكرهم له من هيبة جلاله وعظمته .

كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثناأبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ) قال : والملائكة يسبحون له من عظمته .

وقوله : ( ويستغفرون لمن في الأرض ) يقول : ويسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من أهل الإيمان به .

كما حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( ويستغفرون لمن في الأرض ) قال : للمؤمنين .

يقول الله عز وجل : ألا إن الله هو الغفور لذنوب مؤمني عباده ، الرحيم بهم أن يعاقبهم بعد توبتهم منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية