1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الشورى
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد ( 26 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ويجيب الذين آمنوا بالله ورسوله ، وعملوا بما أمرهم الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه لبعضهم دعاء بعض .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 534 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبوكريب قال : ثنا عثام قال : ثنا الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن سلمة بن سبرة قال : خطبنا معاذ ، فقال : أنتم المؤمنون ، وأنتم أهل الجنة ، والله إني لأرجو أن من تصيبون من فارس والروم يدخلون الجنة ، ذلك بأن أحدهم إذا عمل لأحدكم العمل قال : أحسنت رحمك الله ، أحسنت غفر الله لك ، ثم قرأ : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ) .

وقوله : ( ويزيدهم من فضله ) يقول - تعالى ذكره - : ويزيد الذين آمنوا وعملوا الصالحات مع إجابته إياهم دعاءهم ، وإعطائه إياهم مسألتهم من فضله على مسألتهم إياه ، بأن يعطيهم ما لم يسألوه . وقيل : إن ذلك الفضل الذي ضمن - جل ثناؤه - أن يزيدهموه ، هو أن يشفعهم في إخوان إخوانهم إذا هم شفعوا في إخوانهم ، فشفعوا فيهم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن إبراهيم النخعي في قول الله عز وجل : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : يشفعون في إخوانهم ، ويزيدهم من فضله ، قال : يشفعون في إخوان إخوانهم .

وقوله : ( والكافرون لهم عذاب شديد ) يقول - جل ثناؤه - : والكافرون بالله لهم يوم القيامة عذاب شديد على كفرهم به .

واختلف أهل العربية في معنى قوله ( ويستجيب الذين آمنوا ) فقال بعضهم : أي استجاب فجعلهم هم الفاعلين ، فالذين في قوله رفع والفعل لهم . وتأويل الكلام على هذا المذهب : واستجاب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لربهم إلى الإيمان به ، والعمل بطاعته إذا دعاهم إلى ذلك . [ ص: 535 ]

وقال آخر منهم : بل معنى ذلك : ويجيب الذين آمنوا . وهذا القول يحتمل وجهين : أحدهما الرفع ، بمعنى ويجيب الله الذين آمنوا . والآخر ما قاله صاحب القول الذي ذكرنا .

وقال بعض نحوي الكوفة ( ويستجيب الذين آمنوا ) يكون " الذين " في موضع نصب بمعنى : ويجيب الله الذين آمنوا . وقد جاء في التنزيل ( فاستجاب لهم ربهم ) والمعنى : فأجاب لهم ربهم ، إلا أنك إذا قلت استجاب ، أدخلت اللام في المفعول؛ وإذا قلت أجاب حذفت اللام ، ويكون استجابهم بمعنى : استجاب لهم ، كما قال - جل ثناؤه - : ( وإذا كالوهم أو وزنوهم ) والمعنى والله أعلم : وإذا كالوا لهم ، أو وزنوا لهم ( يخسرون ) . قال : ويكون " الذين " في موضع رفع إن يجعل الفعل لهم ، أي الذين آمنوا يستجيبون لله ، ويزيدهم على إجابتهم ، والتصديق به من فضله . وقد بينا الصواب في ذلك من القول على ما تأوله معاذ ومن ذكرنا قوله فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية