1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الشورى
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير ( 27 ) )

ذكر أن هذه الآية نزلت من أجل قوم من أهل الفاقة من المسلمين تمنوا سعة الدنيا والغنى ، فقال - جل ثناؤه - : ولو بسط الله الرزق لعباده ، فوسعه وكثره عندهم لبغوا ، فتجاوزوا الحد الذي حده الله لهم إلى غير الذي حده لهم في بلاده بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم ، ولكنه ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه .

ذكر من قال ذلك :

يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال أبو هانئ : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة ( عذاب شديد ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء ) ذلك بأنهم قالوا : لو أن لنا ، فتمنوا .

حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : ثنا أبو عبد الرحمن المقري قال : ثنا حيوة قال : أخبرني أبو هانئ ، أنه سمع عمرو بن حريث يقول : إنما نزلت هذه الآية ، ثم ذكر مثله .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ) . . . الآية قال : كان يقال : خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك .

وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها " . فقال له قائل : يا نبي الله هل يأتي الخير بالشر ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : وهل يأتي الخير بالشر ؟ " فأنزل الله عليه عند ذلك ، وكان إذا نزل عليه كرب لذلك ، وتربد وجهه ، حتى إذا سري عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " هل يأتي الخير بالشر " يقولها ثلاثا : " إن الخير لا يأتي إلا بالخير " يقولها ثلاثا . وكان - صلى الله عليه وسلم - وتر الكلام : ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم فأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه فى سبيل الله التي افترض وارتضى ، فذلك عبد أريد به خير ، وعزم له على الخير ، وأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذاته ، وعدل عن حق الله عليه ، فذلك عبد أريد به شر ، وعزم له على شر " .

وقوله : ( إنه بعباده خبير بصير ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله بما يصلح عباده ويفسدهم من غنى وفقر وسعة وإقتار ، وغير ذلك من مصالحهم ومضارهم ، ذو خبرة ، وعلم ، بصير بتدبيرهم ، وصرفهم فيما فيه صلاحهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية