1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الشورى
  4. القول في تأويل قوله تعالى " وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم ( 45 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وترى يا محمد الظالمين يعرضون على النار ( خاشعين من الذل ) يقول : خاضعين متذللين .

كما حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : [ ص: 553 ] الخشوع : الخوف والخشية لله عز وجل ، وقرأ قول الله عز وجل : ( لما رأوا العذاب ) . . . إلى قوله : ( خاشعين من الذل ) قال : قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم وخشعوا له .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( خاشعين ) قال : خاضعين من الذل .

وقوله : ( ينظرون من طرف خفي ) يقول : ينظر هؤلاء الظالمون إلى النار حين يعرضون عليها من طرف خفي .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( من طرف خفي ) فقال بعضهم : معناه : من طرف ذليل . وكأن معنى الكلام : من طرف قد خفي من ذلة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ) . . . إلى قوله : ( من طرف خفي ) يعني بالخفي : الذليل .

حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى : وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : ( من طرف خفي ) قال : ذليل .

وقال آخرون : بل معنى ذلك أنهم يسارقون النظر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ينظرون من طرف خفي ) قال : يسارقون النظر .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( من طرف خفي ) قال : يسارقون النظر . [ ص: 554 ]

واختلف أهل العربية في ذلك ، فقال بعض نحويي البصرة في ذلك : جعل الطرف العين ، كأنه قال : ونظرهم من عين ضعيفة ، والله أعلم . قال : وقال يونس : إن ( من طرف ) مثل بطرف ، كما تقول العرب : ضربته في السيف ، وضربته بالسيف .

وقال آخر منهم : إنما قيل : ( من طرف خفي ) لأنه لا يفتح عينيه ، إنما ينظر ببعضها .

وقال آخرون منهم : إنما قيل : ( من طرف خفي ) لأنهم ينظرون إلى النار بقلوبهم ، لأنهم يحشرون عميا .

والصواب من القول في ذلك ، القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ومجاهد ، وهو أن معناه : أنهم ينظرون إلى النار من طرف ذليل ، وصفه الله - جل ثناؤه - بالخفاء للذلة التي قد ركبتهم ، حتى كادت أعينهم أن تغور ، فتذهب .

وقوله : ( وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ) يقول - تعالى ذكره - : وقال الذين آمنوا بالله ورسوله : إن المغبونين الذين غبنوا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة في الجنة .

كما حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي قوله : ( الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ) قال : غبنوا أنفسهم وأهليهم في الجنة .

وقوله : ( ألا إن الظالمين في عذاب مقيم ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن الكافرين يوم القيامة في عذاب لهم من الله مقيم عليهم ، ثابت لا يزول عنهم ، ولا يبيد ، ولا يخف .

التالي السابق


الخدمات العلمية